+ A
A -
ليس معقولا ولا مقبولا ان يستمر هذا اللعب الشيطاني على حافة جهنم، فمنذ أوائل يونيو، ونحن نسمع الغربان تنعق بعد ان اصبح مستقبل البشرية على المحك، ليس كأي وقت سابق.
وحتى القنبلة التي ألقاها الاميركيون على اليابانيين عام 1945، تضاءلت على وقع التجربة الهيدروجينية الكورية الشمالية التي قالت بيونغ يانغ انه يمكن تحميل مثيلتها على صاروخ بالستي عابر للقارات.
هذه التجربة التي بلغت قوتها حسب المراصد النرويجية ثمانية اضعاف قنبلة هيروشيما، اطارت صواب الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وفرنسا وكوريا الجنوبية التي طلبت من مجلس الامن الدولي ان يعاقب نظام كيم جونغ اون بشدة، في الوقت الذي عقدت فيه دول البركس (الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب افريقيا) اول قمة لها في بكين، في اصطفاف رمزي لطلائع تكتلين يتشكلان على خلفية الازمة الكورية التي تكبر وتتجذر وتزداد خطورة الى حد ينذر بأسوأ كارثة عرفها الانسان.
ما زال ممكنا ان يجتمع المعسكران (الغرب ودول البركس) لمنع الرؤوس الحامية لدى كلا الطرفين المتعاديين من تدشين اول حرب نووية عالمية، سنجد انفسنا بعدها نعيش في تجمعات بشرية بدائية تذكرنا بما شاهدناه في افلام «ماكس المجنون».
ومن السخافة في هذه الاجواء المأساوية ان ندعم هذا او ذاك من اصحاب نظريات الابادة الجماعية والدمار الشامل، فالتراجيديا التي نرى ليست مباراة في الملاكمة او كرة القدم، بل صراعا بين الحكمة والجنون، وبين الوجود وعدمه، قبل أن يكون صراعا بين وجهات نظر، او حتى بين حق وباطل او بين صواب وخطأ.
ولعل مجرد وصول الدولة الاعظم التي تتباهى بقدرتها على شطب كوريا الشمالية من الخريطة خلال ربع ساعة، الى هذه الدرجة من الطيش الذي تناطح به طيشا آخر في بيونغ يانغ، يثبت اننا جميعا خارج منظومة الامن والامان، وأن التصرف الصبياني يُرد عليه بتصرف آخر صبياني من قبل دولة تملك آلاف الرؤوس النووية القادرة على تفتيت العالم كله وبعثرته في الفضاء.
لا حكمة في واشنطن على الإطلاق بعد ان نزلت الى مستوى ديك يقارع ديكا آخر. ولا حكمة طبعا في الشطر الشمالي من كوريا التي عاشت في القرن الماضي غزوات اميركية ويابانية وحشية، فظائعها مغروسة في زوايا روحها, حتى لكأن كيم وأباه وجده نتاج سايكوباتي لإذلال بهيمي مارسته واشنطن وطوكيو على الكوريين وشطرتهم الى نصفين متحاربين.
ما يخيف هو ان البيت الابيض خرج عن طوره حيث يجب ألا يخرج مهما تلبدت الغيوم، وهدد في الساعات الاخيرة باستخدام قنابله النووية القادرة، كما تفاخر وزير الدفاع جيمس ماتيس، على تدمير الدولة الكورية الشمالية بالمطلق، اذا وجدت ذلك ضروريا.
لا يهمنا من البادئ ولا من يقرع طبول الحرب، ولكن ما يهمنا هو إطفاء الازمة أولا، كي لا تتحول الى جحيم قادر على ابتلاع الارض وما عليها. إمكانية التراجع عن الهاوية ممكن إذا اتُفق على وقف التأجيج والتصعيد، ذلك ان أي خطوة حمقاء قد تسفر عن مجابهة إقليمية كبرى ربما تتحول الى عالمية، ما يعيدنا الى الحكمة الشهيرة «معظم النار من مستصغر الشرر»!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
05/09/2017
1724