+ A
A -
فاجأنا وزير الخارجية الفرنسي »جان إيف ألورديان« مساء الجمعة بموقف انقلابي رافض لإضفاء الشرعية على نظام بشار الأسد الذي مال الكثير من الدول الغربية مؤخرا للقبول به، ولو على مضض.
لم يقل لنا ألورديان خلال حوار مع اذاعة »آر تي إل« الالمانية ما الذي دفعه الى مناقضة تصريحات الرئيس »إمانويل ماكرون« حول مستقبل الأسد، حيث اعطى ساكن الإليزيه انطباعا بهذا الخصوص يتعارض ليس فقط مع ما اعلنه وزير الخارجية، ولكن مع ما قاله الرئيس ذاته بعد التنصيب وقبله.
ماكرون وصف بشار خلال حملته الانتخابية بعدو الشعب السوري، وأنه يجب ان يحاكم امام القضاء الدولي، متعهدا بالسعي لتحقيق ذلك اثناء رئاسته. ولكن بعد الاحتفال بتوليه الرئاسة، قال ماكرون شيئا مختلفا تماما عندما افتى بأن بشار عدو للشعب السوري فقط ولكن ليس للشعب الفرنسي، معبرا عن اعتقاده بأنه لا يتوافر الآن بديل شرعي للأسد.
وبطبيعة الحال، تناغم هذا التبدل في موقف باريس مع ما يطرحه بوتين من رؤى وحلول، غير ان القبول الفرنسي بتمديد سلطة الاسد التي دشنت عام 2000، يعاكس تبني الرئيس السابق فرانسوا أولاند مبدأ رحيل بشار عن الصورة بالكامل، كما يتنافر مع الموقف الأخير للرئيس الحالي الذي يبرر بقاء الأسد حاكما لسوريا.
ثمة تخبط في باريس تجاه مستقبل الأسد، واختلاف فاضح بين ما يراه الرئيس، وما يؤمن به وزير الخارجية الذي قال للإذاعة الألمانية إن الوضع تغير على خلفية وقوف داعش على الهزيمة في سوريا، في انعطافة ستؤدي حسب رأيه الى اندلاع حرب أهلية بين الحكومة والمعارضة.
وبعد ان اعرب الوزير عن قناعته بأن الاسد لا يمكن ان يكون جزءا من الحل، قال إن الحل الصحيح هو التوصل مع كل الاطراف الى جدول سياسي يتيح صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات، مشددا على ان الفترة الانتقالية لا يجوز أبدا ان تتحقق بوجود الأسد الذي قتل جزءا من شعبه ودفع ملايين السوريين الى مغادرة وطنهم، على حد قول الوزير الفرنسي.
وإذا كان ألورديان قد هاجم حكومة الأسد بسبب رفضها الدخول في مفاوضات جادة مع المعارضة، بعد تحسن وضع النظام على الأرض (جراء التمشيط الجوي الروسي) فقد طالب واشنطن بتوضيح موقفها الغامض من مستقبل الأسد، معبرا عن قناعته بوجوب كشف الاوراق الاميركية بسرعة.
هذه المسألة، كما قال الوزير يجب ان تتوضح الآن »لأننا لو انتظرنا السوريين حتى يتفقوا فإن انتظارنا سيطول، وسيسقط آلاف القتلى«.
وفيما تستعد باريس لطرح الازمة السورية على الجمعية العامة في دورة سبتمبر الحالي، فإن مواقف لندن تجاه بشار ليست اقل غموضا من مواقف الاميركيين، مما يدلل على ان الارضية التي تُبنى عليها الترتيبات الجديدة في سوريا، ليست ثابتة او مضمونة.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
03/09/2017
1244