+ A
A -
يلعب حسن روحاني بذكاء شديد مع علي خامنئي ودونالد ترامب، ذلك ان تهديدات الرئيس الاميركي ومواقف المرشد الاعلى المتشددة، من شأنها ان تزعزع ثقة اي رئيس ايراني بنفسه. لكن الرئيس »الإصلاحي« الحالي قادر على ان يصبح بين ليلة وضحاها ذئبا شرسا او حمامة مستأنسة.
وعلى سبيل المثال، وجه روحاني خلال حملته الانتخابية الاخيرة، سهامه الى الحرس الثوري بسبب تدخلاته في العراق وسوريا، والصلاحيات الضخمة التي يتمتع بها، بدعم وتشجيع من المرشد، لكنه تجنب في خطاب التنصيب منتصف الشهر الماضي، الاشارة ولو تلميحا الى اي موضوع لا يستحسنه خامنئي، منكرا وجود انشقاقات خطيرة داخل النظام، ومستبعدا ازدواجية السلطة في البلاد.
وبالمثل، فإنه بالرغم من إبداء روحاني حرصه العلني على بقاء الاتفاق النووي المعقود بين ايران وكل من واشنطن ولندن وباريس وموسكو وبكين وبرلين ساري المفعول، باعتبار الرئيس الايراني الأب الروحي لهذه الصفقة، فقد أظهر بجرأة مفاجئة أنيابه الحادة في وجه تهديدات الرئيس الاميركي.
وكما يعرف الجميع، فإن ترامب يعشق الحروب الكلامية مع أعدائه وخصومه وخاصة إيران (وكوريا الشمالية طبعا) غير ان تلويح الولايات المتحدة المتواصل بالانسحاب من الاتفاق النووي، لم ينل من اعصاب روحاني، او يجعله يحسس واشنطن بأنه في مأزق سياسي لا مخرج سهلا منه.
روحاني الذي يتقن كالكثير من الساسة الايرانيين، التنقل بين التشدد واللين، وبين اليمين المحافظ والليبرالية الاصلاحية، لم يقع في الفخ الاميركي، حيث ان هدف ترامب كما يدرك الرئيس الايراني، هو دفع طهران الى تمزيق الاتفاق بنفسها، وكذلك فرض عقوبات جديدة عليها.
وقبل اسبوعين فقط قال روحاني في خطابه، انه في حال فرض ترامب على ايران عقوبات اخرى، فإنها ستعيد في غضون ايام، الساعة النووية الى ما كانت عليه الصفقة قبل التوقيع عليها عام 2015، وهو ما فسره الصقور في واشنطن بأنه تهديد مبطن مفاده ان طهران ستعود برمشة عين الى عتبة امتلاك القنبلة النووية.
هذا التلويح تلقفه الشارع الايراني بابتهاج، خاصة وأن فوز روحاني الساحق في الانتخابات الرئاسية، كان ممكنا بفضل الناخبين ذوي العقلية الاصلاحية والرافضين لاستراتيجية خامنئي المتطرفة.
عرف روحاني كيف يمسك العصا من منتصفها، خاصة وأن طموحه لأن يرث منصب خامنئي الذي يقترب من الثمانين، اصبح معروفا لدى الايرانيين المتحمسين كما يبدو لهذا الخيار.
وفضلا عن ذلك، فإن من الصعب أن »تغتال« طهران الصفقة النووية، ما دامت مدعومة من روسيا والصين وأوروبا، غير ان روحاني سيظل يلعب على حافة الهاوية، بما يحقق له المزيد من الشعبية في الداخل، والترحيب الغربي بقدوم مرشد اصلاحي لديه الرغبة في تسوية الخلافات مع دول المنطقة ووضع حد لرعونة الحرس الثوري والميليشيات.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
02/09/2017
2159