+ A
A -
بدت الأزمة الخليجية في الاسبوعين الاخيرين وكأنها دخلت نفقا طويلا عنوانه الجمود السياسي، والاستعداد الاقليمي والدولي للتعايش مع ظروف يائسة بهتت فيها المبادرات والوساطات، وأحجم الزوار عن التوافد على عواصم «التعاون».
غير ان دعوة دونالد ترامب الصريحة عشية عيد الاضحى، وخلال اتصال هاتفي مع الملك سلمان، الى التوصل لحل دبلوماسي مع قطر حفاظا على وحدة الخليج العربي ومراعاة لمصالح الولايات المتحدة، يحمل ما يكفي من المعاني والمؤشرات، ربما يكون اهمها ان واشنطن جادة هذه المرة اكثر من اي وقت مضى، في تحريك الامور باتجاه التسوية، بعد ان تضررت استراتيجيتها في منطقة صعبة وذات تقلبات سريعة ومحملة بالمخاطر المحتملة.
لم يتصل ترامب بأحد من الاطراف المعنية علنا هذه المرة إلا بملك السعودية، ربما ليدلل على قناعة بلاده بأن المشكلة والحل محصوران في الرياض، باعتبارها الاكبر والاقدر على ضمان المخرج الملائم لأي قضية خلافية في المنطقة، ولأن الذي عاقب وحاصر هو وحده الذي يستطيع تصحيح المسار وتهيئة ظروف صحية للنقاش.
لم يقل الرئيس الاميركي ذلك صراحة، لكن سفير الامارات في واشنطن يوسف العتيبة قال لمجلة «اتلانتك» ان دول الحصار ابلغت الاميركيين رسميا انها مستعدة لحوار مع الدوحة دون شروط مسبقة.
غير ان العقدة تقع بالضبط عند تفسير المقصود بالحوار غير المشروط. فأبوظبي التي تأكدت واشنطن انها كانت وراء القرصنة الإلكترونية التي فجرت الأزمة، لم تتحدث عن ضرورة رفع الحصار أولا، لفتح باب الحوار.
وبانتظار حدوث ذلك، لا بد من التوضيح ان الجلوس على الطاولة والحصار قائم، لا يعتبر حوارا حرا، بل هو بمثابة خضوع أوضحت قطر مرات منذ اندلاع الأزمة، انها ترفضه، وأن القاعدة الوحيدة لضمان التفاوض السليم هي رفع الحصار.
هذه الحقيقة يعيها الاميركيون والكويتيون وكافة الدول التي عرضت المساهمة في التوسط. وقد نستنتج من كشف العتيبة جاهزية الدول الاربع لحوار غير مشروط مع الدوحة، ان ثمة انعطافة على الطريق. غير ان عدم توضيح السفير الاماراتي المقصود بهذا «البالون» يجعل كلامه للمجلة الاميركية وكأنه لم يكن.
لكن كيل الاميركيين الذين كانوا صامتين في البداية، طفح الآن الى درجة دفعت اعضاء في الكونغرس الى القول ان الأزمة الخليجية تصرف الانظار عن قضايا اكثر إلحاحا كنشاطات ايران المزعزعة للاستقرار, وهو ما فاتح به ترامب الملك سلمان في اتصاله الهاتفي، والصراع الدائر في سوريا، ومحاربة الارهاب.
فهل نتوقع بعد كل هذا مفاجأة ما، تمهد الطريق لعودة اللحمة بين دول مجلس التعاون؟!

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
01/09/2017
1315