+ A
A -
علينا أن ندرك ونحن نطالع أرقام الحكومة الأميركية حول »الإنجازات« التي تحققت في أفغانستان، أو العراق، أو أرقام الحكومة الروسية في سوريا، أن ما يقال شيء، وما يجري على أرض الواقع شيء آخر.
تخطر هذه الحقيقة على البال بين الحين والآخر، لكن مقالاً بين يديّ نشرته مجلة »كاونتربنش« لخبير في الشؤون الأفغانية ومسؤول سابق في الخارجية الأميركية يدعى »ماثيو هوه«، يدفع شعر الرأس إلى النمو نحو عنان السماء.
يقول الكاتب في مقاله المتفجر إنه لم يكن هناك أي تقدم عسكري حققه الجيش الأميركي في السنوات الأخيرة، كما يدعون، لكن الساسة والمفكرين والجنرالات الأميركيين يحدثوننا عن معجزات أحرزها »70« ألف جندي أرسلهم أوباما عام »2009«، إضافة إلى »30« ألف جندي أوروبي آخرين، و»100« ألف مقاول خاص.
وتشير الحقيقة الصعبة والمقلقة، حسب الكاتب، وهو زميل ومستشار رفيع في معاهد للسياسة الدولية، إلى أن الحرب في أفغانستان تصاعدت منذ »2009«، ولم تخفّ أو تستقر أو تنخفض حدتها إطلاقاً، مورداً جملة حقائق ووقائع وإحصائيات يصعب إنكارها.
في الوقت ذاته تبين أن أي تقدم في إعادة الإعمار أو تنمية أفغانستان، غير موجود تقريباً، رغم إنفاق الولايات المتنحدة أكثر من مائة مليار دولار تحت هذا البند عبر قنوات غامضة ومتشابكة، وهذا المبلغ ضخم إلى درجة تجاوزه ما تم إنفاقه من خلال خطة مارشال عند تقدير قيمة الإعمار بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك بالدولار المقوم حسب معدلات التضخم.
ويكشف الخبير ماثيو هوه »MATHEW HOH« تفاصيل مفزعة حقاً، عندما قال في مقاله المعنون »الأكاذيب في أفغانستان« أن الادعاءات المتكررة حول انضمام ملايين الإناث إلى المدارس تحدياً لرغبات طالبان، ليست أكثر من أكاذيب تفبركها آلة العلاقات العامة، وكذلك الأمر بالنسبة للرعاية الصحية والاقتصاد الحكومي المنتج للوظائف.
ومثلما أثبتت تحقيقات شاركت فيها الأمم المتحدة والبنك الدولي، أن برنامج إعادة الإعمار الأميركي في العراق فاشل وإنجازاته غير موجودة، فإن إعادة الإعمار في أفغانستان تسير على ذات النسق، إنْ لم يكن أسوأ.
أما في العراق فقد استمر وقف الأعمال العدائية الذي تحقق بعد وقف الأعمال العدائية، سنوات قليلة أعقبها الانهيار الحالي الذي أصاب الميزان السياسي وأفضى إلى عودة العنف وتشكيل الميليشيات الطائفية. وبالمقارنة، فإن أفغانستان لم تُجْرِ أي محاولة على الإطلاق للعثور على حل سياسي، وظل الشعب يراقب بألم وخوف، العنف وهو يتفاقم سنة تلو أخرى.
لدينا الكثير مما نقوله حول الأكاذيب الروسية في سوريا، ولكنْ لنترك ذلك إلى مقال آخر، فيما تحاول موسكو أن تعطي انطباعاً غير صحيح بشأن مستقبل الدولة السورية في ظل استمرار النظام الحالي الحاكم.
في الوقت ذاته، وفيما يتعلق بأفغانستان، فإنه يجب عدم إغفال الحقيقة الصادمة، وهو أن الولايات المتحدة دعمت ثلاث عمليات انتخابية متتالية، رغم أنها مزورة تماماً.
ويذكّرنا الكاتب بحقيقة أخرى صادمة، وهي أن العديد من أعضاء الحكومة الأفغانية مذنبون، لأنهم إما لوردات حرب أو بارونات مخدرات، أو مرتكبو جرائم حرب ضد المدنيين الفقراء، مثل حركة طالبان التي يزعمون أنهم يحاربونها!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
31/08/2017
1355