+ A
A -
ما موقع «تنظيم داعش» في خريطة القوى النشطة في اقليمنا وخارجه هذه الايام، وكيف سيكون في السنوات القادمة؟ ربما يتعين علينا اولا ألا نبالغ في تصوير امكانات التنظيم الارهابي ولا ان نقلل من حجمه.
لا خلاف على ان التنظيم خسر وما زال يخسر اراضي شاسعة استولى عليها في العراق وسوريا، وأقام فوقها دولة خلافة مزعومة. وتتحدث مصادر عدة عن فقدانه 90 ? من تلك الاراضي، ما يعني ان دولة الرقة والموصل قد انهارت فعليا، دون اعلان رسمي يفيد بذلك، رغم ان مصير البغدادي ما زال مجهولا بعد التقارير العديدة المتضاربة التي تحدث بعضها عن مقتله، وبعضها الآخر عن اصابته بجروح بالغة، وسط وعود داعشية مبهمة حول احتمال توليه رئاسة «دولة الخلافة الثانية»، في وقت قريب.
نسعد كلما تقهقر داعش، لكن علينا ألا نغفل خطط التنظيم المستقبلية التي وصل الكثير منها الى وسائل الاعلام، والهادفة الى تعويض الخسارة الفادحة التي لحقت بالتنظيم، من خلال انشاء «الخلافة» الجديدة في منطقة جنوب شرق آسيا التي يزيد تعداد المسلمين فيها عن مسلمي الشرق الاوسط .
وما من شك في ان مخابرات الدول الكبرى والمعنية تطارد التنظيم وتزن فعالياته وفرص إعلانه دولة إما في اندونيسيا او الفلبين (حسب معلومات منشورة). كما تتحدث وكالات الانباء منذ شهور عن هجرة أعداد كبيرة من مقاتلي التنظيم وعائلاتهم من الرقة والموصل الى خلايا «الدولة الثانية» بعد تشييع الاولى رسميا في وقت قريب.
وإذا كانت قيادة دولة كبيرة كالفلبين قد عرضت على سكان اقليم مندناو الجنوبي حكما ذاتيا ومزايا اقتصادية مقابل انشائهم كتائب شعبية مسلحة لمحاربة داعش بالتضامن مع حكومة مانيلا، فإن القلق يجتاح دول تلك المنطقة مثل ماليزيا وسنغافورة وتايلاند اضافة الى الفلبين واندونيسيا، إزاء التهديدت الداعشية التي نفذ بعضها في الآونة الاخيرة، وستزداد حتما بعد اقفال «بوابات الدولة».
كذلك فإن قلقا أشد يضرب اوروبا الغربية، وأميركا بدرجة اقل، جراء تدفق استثنائي للمقاتلين مرفق بالوعيد، على عواصم منها باريس وبروكسل ولندن وبرلين ومدريد، مع تركيز واضح على اسبانيا التي يتنافس داعش والقاعدة على التعهد بـ «استعادتها»، باعتبارها ارضا سليبة كان اسمها الاندلس!
تنظيم داعش يحلم بالتأكيد، فالاندلس لن تستعاد، لكن المتابعين يلاحظون استهداف إسبانيا منذ عملية قطارات مدريد الرهيبة قبل عشر سنوات، والتي قتل فيها 191 شخصا ونفذها تنظيم القاعدة، وصولا الى ثلاث عمليات دهس وطعن في ثلاثة ايام طالت برشلونة ومدينتين اخريين في اسبانيا قبل اسبوعين ونفذها داعش.
وما يزيد قلق الاوروبيين الذين راقبوا وقوع عشر عمليات ارهابية شملت بريطانيا وبلجيكا وفنلندا وروسيا، اضافة الى اسبانيا في آخر ثلاثة اسابيع، تقرير نشرته الفاينانشال تايمز وجاء فيه ان داعش ما زال قادرا على جمع مليون دولار يوميا من مبيعات النفط، وانه يهرب هذه الاموال الى الخارج.
يعي الاوروبيون انهم مستهدفون من داعش اكثر من غيرهم، وآخر الادلة على ذلك فيديو يظهر فيه مسلح داعشي ملثم يهدد بإحراق المدرج الروماني في ايطاليا قريبا! قاتل الله داعش وقاتل من ساهموا في قيامه عن عمد، او لخلقهم المناخ المناسب لظهوره.
بقلم :مازن حماد
copy short url   نسخ
29/08/2017
1271