+ A
A -
باتت الأمور اكثر من واضحة، ورائحة الصفقات تملأ الآفاق نتنا وعفنا، والارباح توزعها على المساهمين، دول الفيتو الخمس الكبرى. لا مكان للتفاؤل ولا للتفاعل الايجابي، هناك فقط تسويات مهينة وبيع بالجملة لحقوق الشعوب، الى الطغاة »المتعاونين«.
ليس هذا وقت النحيب والندب، بل هو وقت الاعتراف بأنه ليس من قبيل الصدفة ان يبدأ موسم الحلول الظالمة: فلسطين وسوريا اولا، ومن ثم بقية الدول المتورطة في »ربيع« اثبتت الوقائع انه لم يكن عربيا ولا اسلاميا، وإنما هو فصل جديد بالغ القسوة من فصول لعبة الامم.
سيقول المؤرخون ان المرحلة الاولى من المؤامرة نفذها بوش وبلير عندما استثمرا اعتداء سبتمبر 2001 لغزو افغانستان في ذلك العام، ثم العراق بعد سنتين. غير ان واشنطن ولندن لم تدركا وقتها انهما قد اعدتا الارضية لظاهرة داعش المروعة التي عززت دور الارهاب العالمي، وأنتجت جيوشا متوحشة من القتلة الذين يملأون اليوم مدن الغرب.
لم يفطن الغزاة وقتها الى ما جنت ايديهم، والى الاضرار الكارثية التي ستضرب اميركا وأوروبا، غير ان حبات المسبحة اخذت بالانفراط: سوريا، تونس، ليبيا، اليمن، ودخلت دول اخرى مهمة على رأسها مصر سراديب الانهيار السياسي والامني والاقتصادي، فيما قفز الخليج الهادئ في العادة، الى لجة اللهب واختلطت حممه بحمم الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
العقل المدبر كان اميركيا - بريطانيا، لكن الثعلب بوتين ادرك ابعاد اللعبة عام 2015 عندما دخل سوريا ليفرض على عواصم الغرب وبقية عواصم »حق النقض« وجوده ككطرف كبير يريد حصة تليق بحجمه وصواريخه النووية.
دول النادي النووي عرضت سيناريوهات الرعب الممكنة وانعقدت جلسات المساومة، ليس فقط في ظل سلطة الفيتو الجائرة، ولكن في ظل ما اسفر عنه توظيف هذه المنظومة الشريرة، من مستنقع فساد دولي يضم الكثير من تجارة النفط والسلاح بالتعاون مع عرابي المخدرات والاتجار بالبشر.
لم تكن الصهيونية ببعيدة، بل لعلها كانت طوال الوقت المشرف الخفي على العقول المدبرة، والرابح الاكبر (الى حين) كما تبين قبل ساعات عندما نعت اميركا حل الدولتين، ومنعت الحديث حول وقف الاستيطان، ولكن للأمانة، شاركت الصهيونية الغرب، في لعبة الدم التي حولت عواصم دول الفيتو الى غابة من الارهابيين: القاعدة اولا، ثم داعش والقاعدة.
وإذا كان الذين انتشلوا بشار الاسد اليوم هم انفسهم الذين نعتوه بهتلر وستالين قبل شهور فقط، فإن توجيههم الاوامر الى »اليوتيوب« بشطب جرائم آل الأسد من الفيديوهات، لا يعني نظافة يده او قلبه.
أما ايران فقد اخذت نصيبها، لكن اللافت ان السعودية لم تعترض. فتوزيعة النفوذ في العالم مالت الى طهران وليس الى الرياض، وإلى اسرائيل وليس الى فلسطين. والفضل في ذلك يعود الى ترامب الذي اتهموه بقلة الخبرة!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
28/08/2017
1385