+ A
A -
كنا نظن أن العنصرية، وبفعل اتساع رقعة التحضر الإنساني، قد حملت عصاها ورحلت من عقول البشر، ولكنها للأسف الشديد مازالت باقية، وتتنفس حقداً وثأراً في أمم ودول كنا نظن أنها شفيت من هذا الداء البغيض إلى الأبد، فبلد عظيم مثل أميركا، خاض منذ نضال مارتن لوثر كنج صراعاً طويلاً ضد العنصرية، حتى أن أميركا حينما اختارت رئيسها رجلاً أسود، الرئيس السابق باراك أوباما، ترسخ لدى العالم فكرة مؤكدة بالبراهين والأدلة أن بلاد العم سام خلصت تماماً من هذا السقم الذي كان يمكن أن يفكك الوحدة الوطنية وينشر كراهية بغيضة.
ففي أغسطس الجاري اندلعت اشتباكات في مدينة شارلوتسفيل في ولاية فيرجينيا الأميركية بين متظاهرين من القوميين البيض ومحتجين مناوئين لهم، ما تسبب بحالة من أعمال العنف، وقبل ذلك شهدت ولايات أميركية أحداثاً مماثلة.
ولهذا أبدى أميركيون ارتياحاً لإقالة الرئيس الأميركي ترامب كبير مستشاري البيت الأبيض ستيفن بانون المتهم بأنه وراء تأجيج العنصرية في قرارات الرئيس الأميركي الداخلية والخارجية في هذا الشأن، فلن تنتقل السفارة الأميركية للقدس مثلاً، رغم أن ترامب سبق أن وصف بانون بأنه «رجل طيب» وليس عنصرياً، ولكن بانون، ورغم الإقالة أكد أنه سيواصل الكفاح من أجل الرئيس الأميركي، ما يعني أن الإقالة لم تفت في عضد علاقة الرجلين، بل ووصفه أصدقاؤه بأنه «نمر تحرر من قفصه» وأن الإقالة لن تجعله يتراجع عن معتقداته، وأنه يفكر في إنشاء شبكة تليفزيونية ستمكنه من «تسوية حسابات»، غير أن أميركا العظمى، كما يريدها الرئيس ترامب ليست بحاجة إلى وباء العنصرية الذي سيضعفها ولن يقويها بقدر حاجتها إلى رأب هذه الصدوع العرقية والعنصرية لتمض إلى الرخاء الاقتصادي الراسخ الذي ترنو إليه، ولكن هناك من يحفر لها هذه الحفرة العميقة التي سيكون الانزلاق إليها الخطر الأكبر على أميركا.
بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
28/08/2017
1498