+ A
A -
لنعترف: الشرق الأوسط والخليج العربي - يتغيران، وبعض هذا الذي يتغير لا يعجبنا، لكننا مضطرون ليس فقط للتعامل معه وإنما ان نحبه ايضا تحت ضغط الزمن والتطورات! قد يكون حبا من طرف واحد وقد يتحول الى حب جنوني.. من يدري؟!
وإذا كان الاردن قد اعلن رسميا ان علاقاته مع سوريا تتخذ منحى إيجابيا ومرشحة للتصاعد والتطور، فإن ذلك يعني ان الترتيبات التي تشرف على تنفيذها موسكو وواشنطن فيما يعلق بالمستقبل السوري، ربما تترجم الى سياقات سياسية وجغرافية تؤثر في صورة الاقليم الشرق اوسطي - الخليجي الى مدى وزمن لم يدركهما احد بعد.
وفيما تتحدث تقارير موثوقة عن صفقة مهمة تمنح الوجود الروسي - الايراني في سوريا فرصة التمدد رغم انف نتانياهو، والوجود الاميركي في العراق صفة السيد في السنوات المقبلة، فإن هذه الصفقة هي مجرد مثال لما ستشهده المنطقة من تغيرات، بعضها معروف والبعض الآخر قيد الطبخ في غرف صنع القرار.
ولعل التقاعس السعودي الواضح عن التصدي الجاد هو من النتائج التي اسفرت عنها الحوارات الاميركية مع الرياض، جنبا الى جنب مع خروج اسرائيل بخفي حنين في المسألة الايرانية.
لم اكن يوما ولن اكون من مؤيدي النظام السوري منذ اللحظة التي استولى فيها حافظ الاسد على الحكم و»حلق« للأغلبية السُنية الحاكمة، غير ان ما يطبخه الكبار مطلوب ان يأكله الجميع بكل جرائمه وسمومه المبثوثة في دسمه. فنحن في الحقيقة امام توافق اميركي - روسي - إيراني - سعودي.
لنسمها سايكس - بيكو جديدة بمرحلة التشكُّل، او لنسمها طعنة في الظهر او فلنصفها بالصفقة السخيفة وغير العادلة التي تروق للبعض وتبغضها الاغلبية، لكن الحدود والقيود تُرسم امام عيوننا، وستسود لسنوات لا نعرف عددها.
العراق له قصة اخرى، غير ان تضامن بوتين مع طهران ودمشق في المسألة السورية، هو قرار استراتيجي، بينما لا تتجاوز لقاءاته العديدة مع نتانياهو حدود المجاملة أو الكلام المعسول. وإذا كنا نعرف ان بوتين ثعلب، فهو يعشق الشعور بأنه رب البيت في المنطقة، وأن كلمته مسموعة من خامنئي والأسد، وهي الكلمة التي تحسم الأمور، وليس كلمة احد آخر هناك في سوريا.
الشيء الوحيد الذي ستفعله موسكو من اجل دولة العدو الاسرائيلي هو نصب ابراج رقابة وحراسة على الطرق المؤدية الى حدود الجولان لمنع اي قوات موالية لإيران من الدخول الى قاطع يمتد 40 كيلومترا على طول الهضبة، لكن الاسرائيليين يعرفون ان منظومة كهذه لن تعيق فعلا من يريد التحرك او شن هجمات على المرتفعات.
قد تكون الفرصة مواتية لإيران في ظل هذه ا لمستجدات الخطيرة والمهمة، ان تجري كل التحولات والخطوات الممكنة لاستعادة سمعتها وشعبيتها وسط الجماهير العربية الغاضبة لتدخلاتها في شؤون دولنا، ولبث رسائل واضحة يفهم منها ان تحرير فلسطين ليس مجرد كلام يقال في خطبة الجمعة. فهل تجرؤ طهران على تحديد موقفها من اسرائيل بصورة نفهم منها انها مستعدة للكفاح الجاد من اجل القدس؟! لا نظن ان فرصة كهذه قد تهيأت لطهران من قبل.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
27/08/2017
1409