+ A
A -
كان يكفي،مراهق لم يكمل سنته الثامنة عشرة،و ذروة موسم سياحة إسباني مشتعل بالفرح،و مكانا ليس سوى واحدة من الساحات الأكثر مزارا في العالم: ميدان «لرمبلا» ببرشلونة،لكي تكتمل وصفة الدم والموت،ملتهمة 15 مواطنا لقوا حتفهم في الحال،فضلا عن جرح أكثر من مائة سائح قدموا بحثا عن الشمس والبحر والحياة، فأكملوا عطلتهم على أسرة المستشفيات وذكريات الرعب.
في خلفية مشهد الموت،على إيقاع السلاح الجديد للإرهاب: شاحنة يقودها مجنون باحث عن مقايضة أبرياء قتلى تحت عجلات الدهس فوق الأرض،بمكافآت فوق السماء، هناك خلية من 12 إسبانيا من أصل مغربي.
يقود الخلية «إمام»،بمسار إجرامي حافل بالمخدرات والسجون، قبل أن يرتبط بتنظيم داعش،و يعمل على تجنيد شباب مغاربة دون الثلاثين،بلا التزام إيديولوجي ولا سوابق جهادية.
«البروفيل»الجديد لرواد خلية الموت، يطابق في الواقع تحولات الجيل الجديد للظاهرة الإرهابية.
المتورطون في العمليات الأخيرة، ولدوا وترعرعوا في إسبانيا،يحملون جنسيتها، درسوا في مدارسها، وهم أبناء شرعيون لنظامها التربوي والتعليمي.
ما يحملونه من علاقة مع المغرب،لا يعدو أن يكون عبارة عن روابط هشة،قد لا تتجاوز الأصل والأسماء العائلية.
وما يحملونه من علاقة بالإسلام،قد لا يقل عن الروابط السابقة هشاشة،وقد لا يتجاوز ما أستطاع مهرب المخدرات السابق،وقد تحول،على عجل، إلى «إمام» مزيف في ريف برشلونة،أن يلقنهم إياه كتعاليم مشوشة ومضللة.
كان في السابق الإرهاب، عملية تحول مركبة من ضفة الالتزام الديني المتشدد إلى نوع من الراديكالية السياسية، لكنه تحول اليوم إلى العكس تماما،راديكالية سياسية واجتماعية تأخذ في الأخير غطاء دينيا!
لذلك اختلفت جذريا،طرائق التجنيد الذي بات يعتمد على ذوي السوابق الإجرامية،وعلى مواطنين من دول أوروبية،ولم يعد التدين عاملا حاسما في الالتحاق بشبكات الموت،ولا أصبح التأطير الفقهي عاملا محددا في القابلية للتحول إلى كتلة بشرية مجنونة تقود شاحنه شرسة تدهس ما وجدته أمامها من أرواح بريئة كانت تبحث عن الحياة في ساحات العالم.

بقلم : حسن طارق
copy short url   نسخ
25/08/2017
2776