+ A
A -
ما يؤلم أكثر من أي شيء آخر أن يسافر نتانياهو الى سوتشي لملاقاة بوتين ومطالبته باحتواء الخطر الايراني، فيما لم نلمس من دول اخرى كبيرة ومتنفذة اي جدية حتى الآن في التصدي لمشروع التوسع الميليشيوي الذي تنفذه طهران.
وعندما نقول «التوسع الايراني»، فإننا لا نختلق الحقائق وإنما نؤكد خطورتها على الشرق الاوسط الكبير، ولكن دعونا نتساءل: اين التعهد الاميركي - السعودي المعلن منذ اسابيع بوضع ايران عند حدها وبمنعها من التدخل في الشؤون العربية؟
لا نريد ان نذهب الى حد القول ان واشنطن والرياض تكتفيان الآن بجهود رئيس الحكومة الاسرائيلية بهذا الخصوص، ولكن ما قاله نتانياهو لبوتين لم يقله مسؤول سعودي او اميركي، رغم المرحلة الحرجة التي وصل اليها المشروع التوسعي الذي يشرف عليه الجنرال قاسم سليماني.
وكان الزعيم الليكودي واضحا خلال لقائه مع بوتين، حيث ابدى قلق اسرائيل الكبير من تعزيز النفوذ الايراني في سوريا بشكل خاص والمنطقة بشكل عام، مضيفا بالحرف: يتطور الوضع في الشرق الاوسط بوتائر سريعة فيما تبذل طهران جهودا هائلة لكي ترسخ وجودها العسكري في سوريا وهو ما يشكل كما قال، خطرا على اسرائيل والشرق الاوسط، بل والعالم كله.
وإذا كان نتانياهو يعتقد ايضا ان ايران باتت في مرحلة متقدمة من بسط سيطرتها على العراق واليمن ولبنان، فإن شيئا لم يتسرب عما تعهد به بوتين لصديقه القادم من فلسطين المحتلة.
وفيما نتساءل عما اذا كان رئيس الوزراء الاسرائيلي قد نصب نفسه مدافعا عن معسكر الاعتدال العربي في مواجهة الولي الفقيه، فإن المشكلة ليست اصلا مع ايران كدولة قومية ولكن مع ايران المذهبية بامتياز. وأجد نفسي منحازا الى ما كتبه الزميل محمد ابورمان الباحث الاردني المختص بشؤون الارهاب، وذلك عندما قال: «نحن بالمجمل ذاهبون نحو ما هو أسوأ بالتأكيد، وداعش أيا كانت وحشيته ليس سوى جزء من دينامية أخطر وأكبر تجتاح المنطقة».
ويجب الالتفات بجدية الى رأي ابورمان أن منطق الحكمة والحق أصبحا خارج المعادلة تماما، اما المفتاح الجديد فهو الحروب الطائفية والمذهبية والعرقية. ويبدي الكاتب مخاوفه الحقيقية من ان يقوم سليماني والقوى التابعة له في المنطقة العربية بإجراء هندسة طائفية في مناطق كثيرة من العراق وسوريا ولبنان ستحكم بمنطق الهوية الطائفية والعرقية والمذهبية في الاعوام القادمة، فيما تكون الهوية السنية مهددة في العراق وسوريا ولبنان.
لم يخطئ ابورمان في تحليله، كما ان العرب الكبار الذين فشلوا في محاورة ايران منذ عقود عندما كان ذلك ممكنا، يتحملون جزءا من مسؤولية اضعاف انفسهم الى درجة الهزال.
وبصراحة اكثر، لم تخطئ قطر عندما اعادت سفيرها الى ايران وتحدثت عن تعاون بين البلدين في كافة المجالات، فهذا الخيار هو من انتاج المواقف السعودية المترددة والمتخاذلة تجاه الجوار العربي وما بعد الجوار، والتي كان آخرها انهيار مسعى مواطن تصرف دون غطاء حكومي لحل مسألة الحجاج القطريين، ما حولها على الفور من قضية دينية تعبدية الى قضية سياسية، يضرها التسييس ولا ينفع.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
25/08/2017
1343