+ A
A -
إبتليت في حياتي بأصدقاء من جماعة «أنت غلطان ولا مؤاخذة» أو جماعة «أصل انت ما انتاش فاهم»،وهذه الفئة من الأصدقاء قد تشكّل عبئاً على غيري،لكنني -وللأمانة-أجدهم ظرفاء،رغم ثِقل الظّلّ الطّبعي فيهم،وسبحان الله،فله في خلقه شؤون!
أحدهم يصرُّ على تخطيئي في كل حوارٍ،أو إيجاد خطأ لغويٍّ فيما أقول،أو يصوِّب لي بيتاً من الشعر وأو يصحّح لي معلومةً أو واقعةً إخباريةً،والعبد لله متخصّصٌ في ذلك جميعه،بحكم الدراسة أو المهنة..أما الدراسة،فهي التخصّص في لغتنا الجميلة،والعمل كأحد حرّاسها،والفضل في ذلك-قبل الكتب والمناهج الأكاديمية - يرجع للمرحوم والدي،فعنه أخذت أسرار هذه اللغة وقواعدها،وجمالياتها،وعذب أشعارها..ومنذ عرف ميلي لها،فإنه راح يغذيني بأمهات الكتب،وبعلمه الوافر الغزير،دون فرضٍ أو تعالٍ..في جلساتٍ،وهو يطالع صحيفةً أو مجلة،أو حينما تعنّ له خاطرة،لذا،لم أشكّل أيّ عائقٍ لمدرّسي هذه المادة،الذين كنت أرثي لحال بعضهم،وهو يسعى جاهداً لشرح دروس البلاغة لنا في الفصل الدراسي،في حين كنت أعرفها من خلال الأمثلة العديدة،والمتنوعة التي يسعد والدي بإعطائها لي..
المهم أنني أحببتُ الشعرَ وفهمت صوره الجميلة،وتمسكت برأي شيخنا الجاحظ:إن الشعر صورةٌ،منذ نعومة أظفاري..ومن القصائد الحديثة التي أعجبتني في حينها «همسةٌ حائرة «للشاعر عزيز باشا أباظة،ومن الصور الجميلة فيها:
-نبدي حياءً،ونغضي عفةً وتُقىً...إن الحياءَ سياجُ الحبِّ مذ كانا..ومنها:
- لم يشهد الرّاصدُ الفضّيُّ قبلهما...إلفيْن هاما تباريحاً،وأشجانا..والصورة هنا غنيةٌ عن الشرح لو عرفنا أنه كان وحبيبته على ضفة النيل،في ليلةٍ مقمرةٍ،لم يشهد القمر (وهو فضيُّ اللون الذي كان يرصد نجواهما) حبيبيْن مثلهما،في تك الحالة من الشوق والشَّجَن..إلا أن صاحبي «الدِّقِر» حين سمعناها سوياً بصوت عبد الوهاب أصرّ على القول: لم يشهد الرّاقب ،وطبيعي أنني لم أجادلْه،لأنني لو فعلتُ لكان جوابه:
-أصل انت يا بوشكري ما تفهمشِ الشاعر كان قصده إيه.. ولكنني عوضاً عن خطئه وتمترسه فيه،رحت إلى مراجعي،فلم أجد للراقب معنىً أو مرادفاً..
يكونش معناها:«الدّقِر»؟
بقلم : حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
25/08/2017
2941