+ A
A -
ليس في ألمانيا تماثيل لهتلر، ولكنْ في الولايات المتحدة مئات النُصب التذكارية لعُنصريين أسوأ منه. وكان لقرار جامعة تكساس إزالة تماثيل لرموز وقادة جنوبيين كونفدراليين مؤيدين للعبودية خلال الحرب الأهلية، دور كبير في تأجيج الانقسام في شتى أنحاء انحاء البلاد.
وتركزت الأنظار على شطب تمثال الجنرال العنصري «روبرت لي» المتوفى في أواخر القرن التاسع عشر، والذي كان من أهم القادة العسكريين المؤمنين بتفوق العرق الأبيض، وبأن الله خلق السود والملونين لخدمة البيض.
كان لابد من هذه السطور، بعد ان كشفت تعليقات لدونالد ترامب، أدلى بها في أعقاب مقتل امرأة خلال مسيرة احتجاج ضد النازيين الجدد، أن الرئيس الخامس والأربعين شديد الإعجاب بالعرق الأبيض والشخصيات العسكرية والسياسية المنتمية إلى عائلات كونت ثرواتها بفضل العبودية، وغير ذلك من أشكال التفرقة على أساس لون البشرة.
ومثلما قال السناتور «تيم كين» من ولاية فيريجينا التي شهدت المسيرة المذكورة، فإن ترامب غير راغب في توجيه الانتقادات إلى تسيُّد العرق الأبيض، أو اتهام النازيين الجدد بالعنصرية، ما يعني حسب رأي السناتور أن الرئيس يعتبر السيادة البيضاء صيغة أخلاقية يجب أن يحتذى بها.
ما جرى في بلدة «تشارلوتسفيل» بفرجنيا منذ يومين أسفر عن تصاعد موجة غضب ضد العنصرية في شتى الولايات، وسط إبداء الآلاف من المثقفين والأكاديميين سخطهم على كل من يقاوم إزالة تماثيل العنصريين أو يبرر العبودية، أو يؤيد الفكر التمييزي الإرهابي الذي مارسته منظمة «كو كلاكس كلان» المشهورة بإعدام الزنوج دون محاكمة والتي ظلت نشطة حتى ستينيات القرن الماضي.
لم تنجح محاولات «مايك بنس» نائب الرئيس للدفاع عن ترامب، ذلك أن أعداداً هائلة من الأميركيين اتهمت الرئيس بالامتناع عن انتقاد الدعوة إلى تمييز التفوق الأبيض، عن بقية خلق الله، والإصرار على أن الذكاء أبيض، وكذلك براءة الأطفال.
غير أن ترامب انكشف كما لم ينكشف من قبل، خصوصاً عندما قال إن «من المحزن أن نرى تاريخ وحضارة أمتنا العظيمة تتمزق من خلال إزالة التماثيل والنُصب التذكارية الجميلة». وفي الوقت ذاته عبَّر معلقون ليبراليون عن اعتقادهم بأن التسيُّد الأبيض جزء أصيل من القيم الأميركية، وليس مجرد عقيدة ثانوية أو عابرة.
ومما قاله محللون إن مظاهرة بوسطن المناهضة لفكر ترامب وشارك فيها خمسون ألفاً، دليل هي وعشرات التجمعات الاحتجاجية، على أن الحب لا يملأ وحده قلوب الناس هناك، بل أن للكراهية مكانا مهما في تلك الدولة الشاسعة التي قامت على جماجم الهنود الحمر والزنوج، ومن ثم اللاتنيين واليابانيين.
لم يخطئ الذين استنتجوا على خلفية ما غرد به ترامب ومؤيدوه، أن حركة بيضاء قوية قد ترسخت في أميركا – وأوروبا أيضاً – جراء هجوم سبتمبر «2001»، وهي حركة معادية ليس للسود فحسب، ولكن للمسلمين واللاجئين، واليهود إلى حد كبير.
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
24/08/2017
1265