+ A
A -
النقد اللاذع الذي وجهه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لباكستان خلال حديثه مساء الأثنين الماضي عن خطته الاستراتيجية تجاه أفغانستان أصاب الباكستانيين الذين قدموا خدمات لا نهاية لها للأميركان في مقتل، فقد كانوا حلفاء أساسيين في الحرب الأفغانية الأولى التي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفياتي وسقوطه ثم حلفاء أساسيين في الحرب على طالبان ثم ما يسمى بالحرب على الإرهاب ثم جاءهم ترامب ليصيبهم في مقتل بهذه الاتهامات، وباكستان ليست الحليف الوحيد الذي لقي خلال الأشهر القليلة الماضية معاملة رديئة ونكص بالوعود من الولايات المتحدة، فالحليف الرئيسي للولايات المتحدة الأميركية وهي أوروبا أصيبت بصدمة شديدة حينما انسحبت الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ في شهر يونيو الماضي وطالبت المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل ألمانيا بأن تبدأ بالاعتماد على نفسها وهذا ما جعل الأوروبيين يحاولون الانسلاخ شيئا فشيئا عن الحلف الأميركي البريطاني والسعي بحثا عن مصالحهم مع شركاء جدد مثل روسيا والصين وتركيا، كما أن تركيا العضو الرئيسي في حلف الناتو لقيت خيانة مباشرة من الولايات المتحدة بإيوائها فتح الله غولن المتهم الرئيسي في المحاولة الانقلابية الفاشلة التي وقعت في تركيا في شهر يوليو من العام الماضي، والأكثر من ذلك أنها تدعم علنا الأكراد السوريين الذين يشكلون تهديدا مباشرا لتركيا وهذا ما جعل تركيا تسعى للبحث عن حلفاء جدد تراعي من خلالهم مصالحها، فقام رئيس الأركان الإيراني بزيارة لتركيا لأول مرة منذ عودة الخميني عام 1979 واتفقوا على القيام بعمليات مشتركة ضد الأكراد تحول بينهم وبين حلمهم التاريخي بإقامة دولة لهم تقتطع أجزاء من تركيا وسوريا وإيران والعراق، علاوة على ذلك فقد مدت تركيا علاقاتها إلى الصين وروسيا وجنوب شرق آسيا في محاولة ورؤية للخروج من الهيمنة والغدر الأميركي والبحث عن حلفاء جدد، أما إسرائيل طفل الولايات المتحدة المدلل والنموذج الأساسي في عملية بحث حلفاء الولايات المتحدة عن بدائل فقد سعت مؤخرا لتدعيم علاقاتها بشكل غير مسبوق بكل من الهند والصين، علاوة على العلاقات المميزة أصلا مع روسيا، ولأن كلا من الهند والصين في رأي كثير من المراقبين هما القوتان اللتان تحققان قدرا كبيرا من النمو الاقتصادي والسياسي والعسكري والسكاني الذي يجعل كلا منهما مؤهلا لكي يصبح ندا للولايات المتحدة خلال عقد واحد قادم فإن إسرائيل تراهن على الهند كبديل للولايات المتحدة إذا تغيرت الظروف أكثر من مراهنتها على أي حليف آخر، لأن الحكومات الهندوسية المتعاقبة تلتقي مع إسرائيل في كثير من الأهداف والرؤى تجاه الشرق الأوسط لذلك كانت الحميمية هي الصفة الرئيسية للزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الهندي مؤخرا لإسرائيل، كما أن العلاقات العسكرية والاستخباراتية والاقتصادية بين البلدين مميزة إلى حد كبير.
سياسات ترامب وإدارته مصابة بحالة اضطراب وتفكك انعكست على الحلفاء الأساسيين وتراوح سلوك الولايات المتحدة معهم بدرجات متفاوتة من الغدر والخيانة وإنكار الجميل، لذلك فإن مرحلة جديدة من التحالفات العالمية تولد الآن وليس من المستبعد أن نرى أحلافا جديدة تتشكل خلال الأشهر أو السنوات القليلة القادمة ستغير شكل العالم، ولن تكون الولايات المتحدة طرفا فيها.
بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
24/08/2017
4687