+ A
A -
نشر «جون رافسكي» في مجلة «كاونتربنش» الاميركية منتصف الشهر الجاري ما يمكن اعتباره تقريرا موغلا في الخطورة تجاه الهجوم النووي الاميركي ضد اليابان، ودفاع البعض عن تكرار الجريمة ضد كوريا الشمالية.
ويسوق «مايكل شيرمر» في مقال قبل ايام نشرته مجلة «ساينتفيك اميركان»، مقارنة تفصيلية بين الصراع الحالي بين واشنطن وبيونغ يانغ، دون ان يغوص كما ينبغي في جذور هذا الصراع والقضايا الاخلاقية المتعلقة باستخدام السلاح النووي.
وذا كان شيرمر يختزل قضية كوريا في اربع جمل ليكرس بقية المقال للكارثة النووية في اليابان، فالخطير ان العلماء قد يتعلمون من الكاتب امورا شريرة، ذلك ان شيرمر يشوه الحقائق ويقدم دعوة خطيرة للعلماء لتبرير اي عمل نووي مستقبلي من اجل حماية المصالح الاميركية!
هذا الاستنتاج الخطير يتناقض مع مخاوف أبداها عقلاء من ان يقوم احد الحمقى في مختبر ما، اذا عثر على الصاعق المناسب، بنسف العالم دون قصد!
كان العمل في «مانهاتن» سريا للغاية الى درجة ان غالبية العملاء لم يعرفوا شيئا عما يحدث، الى ان فضح التماس وقعه 70 عالما وأرسلوه الى ترومان الرئيس الذي امر بقصف هيروشيما بالقنبلة النووية، حيث طالبوه بأن يقدم عرضا توضيحيا لهذا العمل الشيطاني بدل مفاجأة اليابانيين به، مع التركيز على عدم الحاجة الى السرية، لأن قوة الردع التي تحققها القنبلة النووية لا تبقي أسرارا عالقة في الافق!
ويعني ما تقدم ان الساسة والعسكريين الاميركيين اخفوا الحقيقة عن العلماء رغم ان هؤلاء العلماء هم الذين كانوا يسعون لبناء طاقة نووية. وخلصت لجنة علمية الى ان «واشنطن تجاهلتنا كعلماء وتركت المهمة للقيادة، وهو قرار كارثي خلف الندم لعقود».
نشر هذه المعلومات يأتي كتشجيع غير مباشر لاستخدام القوة النووية ضد كوريا الشمالية التي يعتقد ساسة وضباط كبار، بضرورة تأديبها نوويا الآن قبل الغد. فالوحش النووي الاميركي غير الاخلاقي الذي نشب أظافره في رقاب المدنيين اليابانيين، يتجهز الآن لتكرار المأساة في كوريا.
لقد اصاب شيرمر حين اشار في مقاله الى ان قاذفات واشنطن العملاقة «بي ـ 29» سوّت بالارض 67 مدينة يابانية مع حلول 1945، وأحرقت اكثر من 100 ألف رجل وامرأة وطفل في طوكيو خلال ست ساعات، ما دفع الجنرال «كيرتس لوماي» الذي قاد القصف غير النووي الى القول انه لو خسر الحرب لكانت قد تمت محاكمته كمجرم حرب.
كانت حرب لوماي على الكوريين أسوأ من القنبلة النووية، لكن شيرمر تعمد ان يغفل عن كتابة حقائق مهمة للغاية، منها ان الحكومة الاميركية صادقت على فظاعات لوماي وفضلتها على القنبلة النووية. وكان ضرب كوريا الشمالية والجنوبية وقتها طويلا وبطيئا وخاليا من الرحمة.
وقد فضح لوماي ذلك بالقول عام 1984: «على مدار ثلاث سنوات قتلنا 20 ? من السكان. اما دين رسك الذي اصبح فيما بعد وزيرا للخارجية، فقد قال ان بلاده قصفت كل شيء يتحرك في كوريا، ودمرت الاهداف السكانية ثم السدود وأنظمة الري، مما ادى الى اغراق المناطق الزراعية.
هذه الامور تفسر لماذا لا ينسى الكوريون ما فعلته بهم اميركا، وهو ما يدفعنا الى اعادة النظر بأسباب جنون «كيم» في حضرة المعلومات الجديدة التي قد تشكل الصاعق الذي نخشاه !

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
23/08/2017
2045