+ A
A -
ما زالت جنوب افريقيا الدولة المحترمة ونصيرة حقوق الانسان في العالم، تعمل بوحي من وصايا وتوجيهات الزعيم الراحل نلسون مانديلا. ورغم ندرة المدافعين عن قضايا الشعوب في عصر التمادي الصهيوني - الاميركي وعزوف واشنطن عن كل ما من شأنه دعم كفاح المظلومين من اجل الاستقلال والامن والاستقرار، فإن هؤلاء القلة او منفذي تعاليمها ما زالوا يسعون لإسناد المعوزين انسانيا وسياسيا.
كلنا يذكر مقولة مانديلا الشهيرة: «ما دام الفلسطينيون لم ينالوا حقوقهم، ستظل جنوب افريقيا تفتقر الى الحرية». وإذ نعترف ان ربط حرية الدول والقارات والاقاليم ونشر معاني الكرامة البشرية وحق تقرير المصير، لم يعد معمولا بها في عالم متدني المعايير تحول فيه الضعفاء الصغار، إلا فيما ندر، الى إمّعات في يد الطغاة والعرابين والعابثين بمصائر الشعوب.
ثمة تحالف شرير هائل، ابطاله معروفون ويضمون تشكيلة جائرة من دول تبدو في الظاهر متناثرة، وهي في الحقيقة متنافسة على «هبش» ما يمكنها من ممتلكات الغير. وتساهم في هذه التكتلات اللاشرعية واللاأخلاقية، معظم دول الفيتو الخمس وقوى اقليمية توسعية إما مذهبية او عرقية - او كليهما - وعرب منقادون الى أعدائهم، عدا انتهازيين من دول ومنظمات وأفراد يعملون في تناغم اجرامي لجعل الكون «عالما ثالثا» لا يختلف عما كان عليه في عهد الاستعماريين القديم والحديث.
لذلك انتشينا ونحن نسمع العدو يشكو مستاء من حراك تقوده دولة جنوب افريقيا الراقية فكريا لإجهاض محاولات اسرائيل تطبيع علاقاتها مع القارة السمراء. ولا يسعنا إلا ان نقول: «تركناه دخل بحماره»، نقصد حكومة نتانياهو الساعية لإخضاع افريقيا بهدف منعها من تشكيل اغلبية ضد اسرائيل في الأمم المتحدة.
اسرائيل بوقاحتها المعهودة التي تضاعفت منذ عرتها قرارات اليونسكو مؤخرا وبرهنت عدم شرعيتها ككيان، غاضبة لأن مسؤولا في جوهانسبورغ أدان مسلك العدو المخجل والمروع جراء محاصرته شعب غزة وتسببه في معاناة الفلسطينيين، مطالبا بدعوة دول اخرى الى حوار حول ضرورة مقاطعة اسرائيل.
يشعر الافارقة بضرورة عدم التساهل مع اسرائيل، او غض الطرف عن إرهابها الساعي لتقويض القضية الفلسطينية، مشيرين الى دول تعمل بنشاط لوقف المعتدي، مثل المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا.
كم يؤسفنا ان تمتنع دول اسلامية وعربية كبرى (تعرفونها جميعا)، عن المساهمة بشيء في التضامن مع الموقف الجنوب افريقي المشرّف، ومع اعلان حزب المؤتمر الوطني الحاكم في جوهانسبورغ تبني نداء وجهته لجان سياسية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وتخفيض التمثيل الدبلوماسي لجنوب افريقيا لدى اسرائيل، انسجاما مع القيم والمبادئ التحررية، ونصرة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. يتعذب مانديلا العظيم في قبره وهو يرى دولا عربية وإسلامية غنية، تدير ظهرها للمسجد الاقصى في ازمته الاخيرة الدامية، ويسأل نفسه: هل هؤلاء عرب ومسلمون، ام يهود مبطنون؟!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
22/08/2017
1235