+ A
A -
الجدل الدائر في القاهرة بين شكري والصفدي والمالكي، وفي غزة بين هنية ودحلان، هو كلام فارغ وفاشل في احسن الاحوال، ويمثل صخرة جديدة يتعين على سيزيف الفلسطيني ان يحملها الى اعلى الجبل قبل ان يدحرجها الى اسفل في مكوكية اسطورية ترمز الى الهباء.
مجرد ان يغرينا العرب المتفاوضون بإجراء حوار ضمن اطار زمني محدد لتسوية جميع قضايا الحل النهائي وصولا الى الدولة والرابع من حزيران، هو ليس اطارا بل مصيدة زمنية تضاف الى عشرات السنين الملتوية الضائعة.
وفيما يفتقر هذا الاغواء الى اي ورقة جدية، فليس سرا ان كل شيء محترق حتى الإلغاء، والى درجة تمنع نتانياهو حتى من انكار وجود حل الدولتين، فإن انتظار قدوم الوفد الاميركي الرفيع ليصفق امام الكاميرات «للانجاز الثلاثي» هو جزء من صورة مفبركة سيضحك عليها ومنها، الجميع، لأن أيا منهم ليس غبيا الى درجة عدم إدراك المؤامرة المستمرة.
على الورق أمّن الوزراء الثلاثة الامور الى درجة مطالبتهم بوقف الاستيطان وإرساء خيار التطبيع العربي مع اسرائيل، دون ان نسمع من القدس المحتلة كلمة انتقاد لعلمها ان صفصفة الكلام في القاهرة اقل اهمية من ان تتعرض للإنكار.
لم تكن دولة العدو بحاجة الى قول اي كلمة تنكد على المجتمعين، حيث تركتهم في غرفة مرايا لا يشاهدون فيها إلا انفسهم وهم يرسمون على دفتر ستسحبه حكومة نتانياهو من تحت فراشهم وتنثر رماده في انحاء الضفة المحتلة، وربما نقول غدا «المحررة».
وإذا كانت اميركا واسرائيل تتحكمان بما يجري من مفاوضات القاهرة ذات النوايا الاستسلامية، فإن لقاءات اخطر تعقدها حركة حماس الآن مع الفتحاوي المعزول محمد دحلان، القريب جدا من اسرائيل والامارات ومصر السيسي.
المؤلم ان انحدار الاوضاع الاقتصادية في غزة، دفع السكان عموما والشبان خصوصا الى ترقب التفاهمات، على ضوء ما تداوله الناس حول حصول دحلان على تعهد من ابوظبي ومصادر خليجية اخرى، بانفاق 15 مليون دولار شهريا لتلبية احتياجات القطاع في مجالات البنية التحتية والكهرباء والوقود والانشاءات والمصالحة المجتمعية ومساعدة آلاف الأسر المعوزة. الغزيون مسيسون الى الحد الذي يفرقون فيه بين نوايا الذين يساعدونهم صدقا كقطر وتركيا، والذين يساعدونهم بهدف سوقهم الى المذبح الاسرائيلي دون ان ينسوا وصمهم بالارهاب.
ضيق ذات اليد وراء قبول حماس الجلوس على طاولة مع رجال كدحلان وسط ضغوط قذرة على من يدعم غزة باعتباره ممولا للارهاب الحمساوي، اذا تجرأ وقدم ولو مساعدات محدودة للقطاع.
ويدرك دحلان ذو العقلية الشيطانية ما يمكن ان يتعرض له اصدقاء غزة والمقاومة الحمساوية من قلب للحقائق، ومن التشهير بهم كممولين للارهاب، كما يدرك هذا الفتحاوي السابق ان غزة تعاني من فقر يصل الى 65 بالمائة وبطالة تجاوزت 47 بالمائة.
يعي الشعب الفلسطيني ما يعنيه تحكم دحلان والامارات بمستقبلهم وهم الذين يعيش 80 بالمائة منهم على المساعدات الخارجية جزئيا او كليا، ويعرف ان شظف العيش اسهم في تكريس الانقسام الجغرافي بين الضفة وغزة الذي تشجعه اسرائيل وتسعى القاهرة وأبوظبي الى إدامته بطلب من نتانياهو.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
21/08/2017
2007