+ A
A -
ما دامت العروس قد ارتدت فستانا جميلا، لم يعد يهمنا ما لبست تحته،. هكذا يفكر الذين ينقلون سوريا الآن من عناية مركزة الى عناية مركزة اخرى. ويتم النقل بحماس مبالغ فيه وعلى خلفية هزيلة تتمثل برفع العلم السوري قبالة الاردن، او عقد معرض دمشق الدولي بحضور شديد الهزالة، كعلامة مضللة على ان الامور تستتب.
ليس هناك عاقل لا يريد لسوريا ان تستتب، ولكن ليس أبدا على أساس عودة العلويين المأمورين من طهران الى حكم دمشق، خاصة آل الاسد الذين يسجل التاريخ ارتكابهم إبادات جماعية تقودهم الى محكمة الجنايات، بعد ان عاملوا الشعب السوري ذا الاغلبية السنية الساحقة كعدو يجب سحقه.
واذا كانت دمشق تراهن على ضمور المعارضة حتى تخرج «سوريا ما» من عزلتها، فالملايين التي عانت القتل والقمع بأشكالهما، أو تشردت عبر العالم جراء جنون الحقد والعظمة والتمسك بالكرسي مهما بلغ منسوب الدم، ليست قابلة بالذي يجري، في غمرة استعدادات مجرمة لفرض الترتيبات الجديدة بالحديد والنار، الى ان يحين موعد الثورة الثانية لنيل الحقوق وعودة حكم الاغلبية الشرعي.
ربما يكون صحيحا ان الحرب الحالية قد خفت حدتها كثيرا، لكنها تنتقل في الوقت ذاته الى فصل اشد قسوة من منطلق ان الشعب لم يحصل على حقوقه، وأن ما يستحقه بعد معاناة اسطورية مدتها سبع سنوات، لا توفر ولو قدرا ضئيلا منه، دهاليز جنيف وآستانة.
لا تتعلق القضية بأعلام ترفرف هنا وهناك ولا بمعارض فارغة من محتواها، بل تتعلق بالدرجة الاولى بالفشل الروسي في توفير الحل الذي تعهد به بوتين في ستة شهور امتدت الى عامين غرق خلالهما في الوحل السوري فاضطر لتقاسم النفوذ مع الاميركيين الذين اقنعهم بالعودة الى استراتيجية اوباما قطع الدعم عن المعارضة والثوار.
واذا كان لاعبون آخرون قد رفعوا ايديهم عن الثوار لوضعهم تحت ضغوط تعرض مستقبلهم للخطر وتهدد بدور للأكراد المعادين للعرب والاتراك، فقد خرجت إيران بمكاسب توسعية ونفوذ سياسي كبيرين.
مستورا من جانبه منشغل الآن في إعداد مسار التسوية، بعد ان باع الكبار الثوار السوريين في ساحة النخاسة الدولية، ليطلب منهم المبعوث الدولي جدولا زمنيا لإنهاء الصراع في اكتوبر ونوفمبر بمشاركة منصات المعارضة الثلاث: الرياض والقاهرة وموسكو، وذلك بعد ترتيب مشاورات بين فصائل المعارضة ونظام دمشق.
ولا بد من القول ان بعض الداعمين اضطروا لوقف جزء كبير من دعمهم حتى لا يتهموا بالارهاب، غير ان هذا التصرف يمثل مظلمة تاريخية غيبت فيها الحقوق، ولكن الى حين قادم لا محالة لتحقيق حلول عادلة ومتوازنة.
غير ان المشكلة الحقيقية ما زالت تخيم فوق رؤوس الجميع بعد ان اخفق اللاعبون في التوصل الى اتفاق اساسي بين المعارضة والنظام لانها حكم استمر نصف قرن مارسته عائلة بدعم طهران وموسكو، وارتكبت خلاله الفظائع التي يعلمها الجميع.
كل هذا سيسقط في وقت مناسب، بصورة مدوية لأنه ينشط خارج الشرعية والانسانية وكل القوانين، ولأنه لا يتمتع بالشعبية التي لا يمكن ان يحصل عليها نظام مستبد ودموي مارس الابادة نصف قرن. وعلى كل لن يظهر شيء جديد في الافق إلا في بدايات العام المقبل، مع وجود احتمال بانهيار بيت الدومينو في اي لحظة!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
20/08/2017
1360