+ A
A -
كان تعليق برنامج وكالة المخابرات الاميركية الذي سلح ودرب الثوار السوريين، بمثابة ضربة في الظهر لسوريا الشرعية،وإذعان مخجل لروسيا التي ارادت تبليع واشنطن جرعة اعلى من العقوبات، وهو ما حصل قبل ايام.
قد لا يكون امام بعض هؤلاء الثوار تحت الضغط والتهديد، من مفر إلا الانضمام الى الحملات الاميركية ضد داعش، غير ان الآلاف، كما تقول تقارير متتالية من واشنطن، سيتابعون حربهم القانونية ضد نظام بشار.
بعض الواهمين المتعلقين بحبال الهواء، ممن يصفقون لعلم سوريا مرفرفا على الجانب السوري مع الحدود من الاردن، لم يبنوا فرحتهم على معلومات متماسكة او تحليلات موضوعية، وإنما على عاطفة وهوى ورغبة شخصية وطنية مخلصة، نقدرها لهم وإن كنا لا نعول عليها أبدا.
كم تمنيت ان أؤمن بما آمن به بعض هؤلاء، فأرتاح، لكن المصدات لن تصمد للأسف إلا لوقت قصير، ذلك ان عملية «مستورا» التي اقرتها موسكو - بل لفلفتها على عجل لأنه لا يوجد غيرها - ثم باركتها واشنطن لأسبابها المتناقضة دائما، لا تتوافر منها عناصر الثبات والديمومة.
عملية السلام السوري المقبلة لن تتواصل كثيرا، لأنها تفتقر الى العدل والمساواة وشرعية السلطة ولا تستند الى حكم الاغلبية المغيبة، وإنما لأقلية علوية طائفية ايرانية الهوى والأوامر منذ ان استولى حافظ الاسد على السلطة قبل نصف قرن، ونكل بالرموز العروبية السنية التي حكمت سوريا وأدارت امورها منذ الاستقلال.
وفي الواقع سلم العلويون هذا البلد العربي الى ايران مدعين انهم وأهل قم يعدون العدة لمواجهة اسرائيل، لكنهم كانوا ولا يزالون يعملون لنزع الهوية العربية عن الدولة عد اسم الجمهورية العربية السورية، وتقدم الولي الفقيه في طهران على انه من سينقذ فلسطين.
نعلم عن قناعة انه لا يجوز لرئيس ارتكب الفظائع المثبتة ضد الملايين من ابناء شعبه، ان يعود لحكم بلد عافه ومقته بعد ان أبقاه سبع سنوات تحت الذبح والتشريد، فذلك لم تجربه حتى الماو ماو.
أما ترامب فقد أثبت انه لا يقل خطورة عن أوباما، عندما تغاضى عن جرائم الأسد وقبل مقايضة بوتين على صفقة قذرة تتضمن بقاء روسيا متحكمة بقواعدها العسكرية في سوريا الى اجل غير مسمى، مقابل السماح لها بفرض دكتاتورية على سوريا أسوأ من طغيان داعش، وأن يساعده أتباعه في دمشق على خلق شيشانه الثانية بالحديد والنار.
كل ذلك ممكن، لكن الاتفاقية التي يجري إعدادها الآن مجرد «أوسلو آخر» سيخلق بؤرة مشتعلة تملؤها جيوش دول تأبى الرحيل، ومجموعات مسلحة جاثمة تنتظر «التوزيعة» لتعرف كيف تقاتل ومن تقاتل.
«من بره ها الله ها الله.. ومن جوه يعلم الله»، هكذا هي سوريا اليوم. ورغم تراجع اهتمام اللاعبين بما يجري والانحسار الحاصل في التمويل والإسناد، فإن أحدا لن يستطيع ضبط سوريا لوقت طويل أو ضمان عروبتها(!) ووحدتها، او طرد الحرس الثوري والميليشيات، او حتى القضاء على داعش والقاعدة.
لذلك كله الحرب الطائفية والعرقية قيد الإعداد مهما كانت الظروف. لم لا وهي لم تنته أصلا، وكل الكلمات فالتة بلا حروف ليس في سوريا وحدها، ولكن في العراق واليمن وليبيا ومصر ولبنان، وكل الخليج والشرق الأوسط؟
اعقلوا وتوكلوا ولا تسمموا أنفسكم بعسلكم المر!!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
18/08/2017
1236