+ A
A -
ماذا تفعل لو سرق آخرون خبزك؟ والخبز هنا كلمة مجازية بمعنى الجهد والإبداع، استعرتها من من عنوان كتاب للأستاذ فتوح نشاطي، عن مسرحيات عالمية بعنوان «خبز الآخرين».
تصاب بالحسرة، تغتاظ، أم تردد عبارة «عاطف الأشموني» وتصيح في كل مكان:«أنا عاطف الأشموني مؤلف الجنة البائسة»؟ لا هذا ولا ذاك ولا تلك، أنا شخصياً تعرضت لسرقة خبزي أكثر من مرة، وسعدت لأن اللصَّ كانت فيه لحسةٌ من الفن، وليس «حرامي فراخ»..وعرفت كثيرين ممن سُرق قوتهم الفكري والفني..
ولأنني كنت موظفاً حكومياً، محظوراً من الكتابة الصحفية، التي هي في دمي، فقد كنت أمهر كتاباتي، بتوقيعٍ مستعارٍ، اتخذته من الأسماء الأولى لثلاثة زملاءٍ، وكان هذا التوقيع سليط القلم وهاري «جثة» المدّعين، وأرزقية الأدب والصحافة، ويبدو أنه انتشر في الوسط الإعلامي..
وذات يومٍ، وفي مطبخ الأخبار، حيث كنت أعمل أعرب زميلٌ خفيف الظل عن إعجابه بهذا السليط وتساءل عمّن يكون، وإذا بأحد جماعة «أبو العُرّيف» يتطوّع بالإجابة:
- «أنا أعرفه، ده راجل بيشتغل في الديوان بأشوفه في سوق الحراج، غاوي حاجات قديمة..».
طبيعي أنني فرحت، واطمأن خاطري، فقد عرف الزميل الفاضل شخص صاحبنا الذي انتقل-بدوره- على تركيز انتقاداته اللاذعة، فيما بعد، على شخص أبي العُرّيف هذا.
وحكايةٌ أخرى..كنت تركت وزارة الإعلام وعدت إلى بيتي في وزارة التربية والتعليم، لكن زميلي،وصديقي، وأستاذي محيي الدين محمد، رئيس تحرير أخبار التليفزيون -آنذاك- عزّ عليه ذلك وأقنع مدير الإعلام-آنذاك-الراحل الأستاذ الطيب صالح بضرورة إبقائي محرراً متعاوناً، على أن أعدّ برنامجاً إخبارياً أسبوعياً بعنوان «في دائرة الضوء»..
رحّب الأستاذ الطيب بهذا الاقتراح، وبقيت محرراً ومعداً للبرنامج الإخباري..ولم أكن، حين استأنفت العمل الإخباري قد حصلت على إذنٍ كتابيٍّ من وزارة التربية والتعليم، وحتى وصول ذلك الإذن الرسمي، كنت أعددت وكتبت عشر حلقاتٍ، وكان محيي كريماً مع أمين مكتبة الأفلام، وشجعه بكتابة هذه العبارة في تتر البرنامج:«المادة الفيلمية من إعداد فلان»..
حينما وصل إذن العمل، أشار محيي بكتابة هذه العبارة مع الحلقة الأخيرة:«هذه الحلقة والحلقات العشر الأخيرة بإعداد (العبد لله)»..
جُنّ جنون أمين المكتبة، وهو شابٌّ بحرينيٌّ، فقد كان يدّعي لأصدقائه في بلده بأنه ذلك الكاتب المحلل الإخباري، في حين أن عمله (مع تقديري لأبسط الأعمال) لا يعدو استجابته لطلبي في تحضير المادة الفيلمية، التي أشير بها، والتي تناسب النص.
والحكايات كثيرة، لأن المدّعين كالنمل الذي يبحث عن العسل..فلا تشعر بالضيق يا عسل، إن اكتشفتَ سرقة خبزك.
بقلم : حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
18/08/2017
2749