+ A
A -
.... وزرع السودان- بالامس- فاطمة في باطن الأرض.
قدر البذرة أن تشق التربة..
قدرها أن تصير نبتا، ومن النبات ما هو طيّب ينفع الإنسان.
أقدار كل الذين انسنوا الحياة، وزرعتهم شعوبهم، أن تشق بذورهم الأرض، ويتعالوا اشجارا!
فاطمة بينهم، شجرة.
أيها السودانيون هزوا إليكم بجذع شجرة فاطمة، تساقط عليك وعيا.. نصحا في كل منعرج صعيب، وتساقط عليكم حزما من نور، عند كل عادية من عاديات الليالي الظلومة المكفهرة.
كان التشييع يليق بتاريخ هذه المرأة العظيمة: تاريخها مع النضال لإرساء مفهوم ان المجتمع- أي مجتمع- لا يمكن أن يحلق إلا بجناحين من ذكر وانثى. تاريخها مع انزال القرارات الاجتماعية المهمة، تلك المعنية بالمرأة والأسرة: قرارات منع الزواج الإجباري، وتحديد سن الزواج، ومنع سوق المرأة بالبوليس إلى بيت الزوجية.
كان التشييع يليق بتاريخ فاطمة في المنفى، من اجل المرأة، خلال ترؤسها للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي. كان يليق بتاريخها مع الكتابة:« قضايا المرأة العاملة في السودان».. «المرأة العربية والتغيير الاجتماعى»..« المرأة العربية والتغيير»..و «حصادنا خلال عشرين عاما»..
كان التشييع يليق بفاطمة التي جاءت إليها «جائزة ابن رشد للفكر الحر» تجر أذيالها، من برلين إلى بريطانيا، وفي الدولة الأخيرة عاشت فاطمة سنواتها الأخيرة.
كان التشييع يليق بتشكيلها أول اتحاد للنساء السودانيات.. يليق بفاطمة صوت المرأة، في البرلمان، في العام 1965 .
السودانيون، لا ينسون جميلا.. ولا ينسون فضلا، وإن تعاقبت الأجيال.
ما اعظم الأجيال حين تتساوى كتوفها، تحمل نعوش من وهبوا حياتهم خدمة للاوطان.
التشييع المهيب جدا لفاطمة أحمد أبراهيم- من مختلف الأجيال-كان نوعا من الوعي بما قدمته هذه المرأة العظيمة.. وكان نوعا من رد الجميل.. نوعا من الإحسان، والذي هو جزاء الإحسان.
ارقدي يافاطمة في سلام، تتنزل عليك رحمة الرحمن الرحيم. اللهم آمين.

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
17/08/2017
2716