+ A
A -
ليس في الافق ولا بادرة أمل واحدة ذات جدية في المنطقة رغم مرور 14 عاما على غزو العراق وقبله بعامين افغانستان، وسبع سنوات على ثورة سوريا، وبضع سنوات على اندلاع الحرب اليمنية المؤلمة.
ما زالت فلسطين أُم الازمات التي أدى بقاؤها دون حل سبعين سنة منذ زرعها الاجرامي في ارضنا، الى تفريخ ازمات الاقليم بما في ذلك ظهور الارهاب من خلال القاعدة في افغانستان وداعش في العراق وسوريا.
يحكم نتانياهو ما بين النهر والبحر بالحديد والنار ودون أي مسحة من »الديمقراطية اليهودية« التي هاج عليها لتعاطفها مع أهل الارض الاصليين وعاقبها بكل القيود والاجراءات القاسية، الى ان ضمها الى أعداء اسرائيل واصفا إياها بالعمالة للعدو الفلسطيني.
غير ان الشعب الفلسطيني التقط الخيط بسرعة خلال ازمة الاقصى الشهر الماضي، وأجبرت الجماهير الزاحفة السلطة العنصرية المحتلة على لحس كلامها وتراجع نتانياهو بمذلة عن البوابات الالكترونية التي اغضبت المسلمين.
وإذا كانت واشنطن وعواصم عربية تخشاها، تتحدث عن مفاوضات سيجريها وفد اميركي رفيع مع الفلسطينيين والاسرائيليين لتحريك عملية السلام، فإن ما يتردد بهذا الشأن لا يزيد عن »طبخة حصى« لا توفر الارضية لسلام حقيقي، بل تعمل فقط لإجهاض حل الدولتين نهائيا، وفرض تسوية استسلامية بالمعنى الحرفي لتكريس احتلال فلسطين بالكامل وإصدار عشرات التشريعات اللازمة لتأمين عملية الخداع التاريخي التي غدت مكشوفة تماما امام العالم كله.
تضغط ادارة ترامب على الاردن لضم الجيوب السكانية الفلسطينية الكثيفة في الضفة وإعلان الفدرالية مع هذه المناطق بدعوى انها الدولة الفلسطينية الموعودة التي سيجري دمجها بالاردن.
غير ان الحكومة الاردنية تصد هذه الضغوط وتبرهن للغرب خطورة واستحالة مثل هذا الحل الذي سيسقط بسرعة ويشجع الفلسطينيين على تطوير العمل الكفاحي المسلح مهما كانت التكاليف.
وفي سوريا تتواصل المأساة بشتى الطرق المتصورة، خاصة بعد اعتراف موسكو الضمني بفشلها في جعل مناطق التهدئة الاربع، مقدمة لتسوية شاملة تقود الى سوريا عربية موحدة.
لكن الروس لا يقولون لنا الحقيقة، فسوريا لم تعد عربية او موحدة ولا هي في طريقها نحو هذا الهدف. ولا يقولون لنا ان مناطق التهدئة هي مناطق تقسيمية ولا تتعدى كونها استراحة محارب تطول او تقصر.
عناصر التسوية السورية الناجحة غير متوفرة جراء كثرة اللاعبين وجيوشهم وإرهابييهم. اما نظام دمشق الحالي فغير مؤهل للحكم فترة طويلة ولا يتمتع بشعبية تمنحه الشرعية، بعد القمع الوحشي الذي مارسته عائلة الاسد بحق السوريين وإقصائها حكام البلاد التاريخيين وهم في معظمهم من الاغلبية السنية التي يصل تعدادها الى 85 بالمائة حسب ارقام ما قبل الحرب مباشرة.
لذلك فإن الترتيبات الحالية لا تعدو كونها »مشمشية« سرعان ما تنهار كونها »تمشاية حال« لا تلتفت الى الحقائق التاريخية الصلبة التي منحت سوريا الأمن والاستقرار قرونا قبل ان يهدمها نظام الاقلية المرتبط بإيران.
(يتبع غدا)

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
16/08/2017
1193