+ A
A -
حتى لو صدقت دمشق بقولها ان قوات النظام باتت تسيطر على 80 بالمائة من مساحة سوريا، فإن وضعا كهذا يتطلب تشبيهه بعريس ارتدى أبهى حلله دون ان يستحم أو يلمسه ماء منذ شهور. فالرخام إذن، امام عدسات التصوير، يخفي الكثير جدا من السخام.
من هو الغبي الذي لا يريد عودة سوريا التي نعرفها منذ الطفولة، ولكن ليس في عهد الأسدين اللذين دمرا البلاد مرتين الاولى عندما سوى رفعت شقيق حافظ حماة بالارض وقتل 30 ألفا من سكانها عام 1982، والثانية عندما اصبح نصف سوريا انقاضا ونصف شعبها موزعا بين قتلى مصابين ومشردين.
الدود ينغل تحت المشهد الاحتفالي الذي يحلم النظام المجرم بتنظيمه قريبا. نسأل فقط: كيف يحتفلون وحجم الدم والدمار سيظل ملقيا بظلاله على سوريا الى الابد؟ ولا يجوز في عرف اي انسان سوي ان يقبل او يبرر قبول عودة العائلة التي يلتصق اسمها بخراب سوريا التاريخي، الى حكم البلاد، في الوقت الذي يستقيل فيه رؤساء الحكومات المتحضرة لمجرد موت مواطن في حادث قطار مثلا؟!
هذا الذي جعلته موسكو ، يحدث في سوريا، لا يسر بل يضر لأن ما بني على باطل فهو باطل وما بني على خراب فهو خراب. فالذي يجري هناك يهيئ المسرح، للأسف، لجولات اخطر من التطاحن اللاأخلاقي الذي لم نكن لنراه لولا ان الذين حكموا البلاد في آخر اربعة عقود استفردوا بها ليدمروها لا ليعمروها. لم لا وهي اصلا ليست لهم؟
ليست لهم لأنها للأغلبية العربية المطاح بها، وليست لهم لأنها تؤمر من طهران لا من دمشق. لذلك فإن الحل الذي سيحاول صناع القرار الجهلة الذين عجزوا عن اجتراح تسوية عادلة، هو ليس حلا بقدر ما هو «لفلفة» لإفراز خيال مآتة لن يستمر وجوده إلا لفترة محدودة يعود بعدها اصحاب الحق للمطالبة بحقوقهم المذهبية والعرقية والسياسية المسروقة.
خيال المآتة سيحكم لمدة ما، لكنه سيصطدم سريعا بتشكيلة من القوى الشيطانية والارهابية والوطنية حقا (ثورية). ففي كل زاوية من زوايا سوريا هناك قاعدة (نصرة) وهناك داعش وخلطة من قوى ارهابية او اسلامية ذات اطياف شتى. وهناك فوق ذلك تقسيم جغرافي قائم بصورة غير رسمية في ما يسمى مناطق خفض التوتر، التي سيتحول اسمها بعد «الاحتفال» الى مناطق توتر متجدد، وربما الى دويلات حسب توزيعة النفوذ.
والكل يعرف ان هناك قوى مسلحة لم تهزم او تعلن الاستسلام، وهي قابعة تنتظر اللحظة المناسبة لتخريب الترتيبات الهشة التي جرى اعدادها دون اي معالجة صادقة وجدية لأسباب الاحداث التي بدأت سلمية عام 2011، قبل ان «يطخ» النظام على الناس ويحيل سوريا الى دولة مجنونة.
وتعرف موسكو كما واشنطن ان الناس بأغلبيتهم الساحقة يرفضون ان تعود اقلية موالية لإيران وليس لسوريا، الى حكم السوريين الذين تآمر حافظ الاسد لحرمانهم من ممارسة دورهم التاريخي في قيادة البلاد كما يجب وكما لا بد أن يتم مهما طالت الشهور.
إن أي حكم في دمشق لا يتضمن إمساك الاغلبية بالسلطة، لن تكتب له الديمومة وسيبقى عرضة للنخر الى ان ترجع الحقوق لاصحابها، ويتوقف تدخل ايران بشؤون ذلك البلد العربي المسبي.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
14/08/2017
1314