+ A
A -
في البداية كانت قصة حب خارج المألوف. رئيس شاب يدخل قصر الإليزيه مع زوجته، التي ليست سوى مدرسته في فصل «الآداب» عندما كان مراهقا لم يتخط عتبة السادسة عشرة ربيعا.
في الواقع، هذا القصر، شهد الكثير من قصص الحب والزواج والطلاق والخيانات، لكن الفرنسيين لا يولون لهذه الحكايات، إلا ما يليق بها كأخبار متفرقة في جرائد الإثارة، أو في صفحات «البيبيل» في الصحف الرصينة.
يحدث هذا بالرغم من التحولات الكبرى التي تعيشها فرنسا،على مستوى الاهتمام الإعلامي بالحياة الشخصية للفاعلين العموميين، وبالرغم من تزايد الالتباسات بين الحياة الخاصة والحياة العامة.
لكن النقاش في فرنسا هذه الأيام، بات يأخذ منحى آخر، ذلك أن رغبة الرئيس في ترسيم الوضعية القانونية للسيدة الأولى.
في دستور الجمهورية الخامسة، توصيف للصلاحيات والاختصاصات، تلك التي تعود للرئيس، وتلك التي من مهام الحكومة أو البرلمان، وطبعا دون أدنى إشارة «لزوجة الرئيس»، ذلك أن التقليد الجمهوري يعني أن الفرنسيين ينتخبون شخصا وليس أسرة!
بروتوكول الإليزيه ومراسيم الجمهورية، نفسها غير واضحة في ما يتعلق بأدوار الزوجة ومهامها، لذلك تفاوت الأداء وتنوع الحضور بتعاقب «قاطنات» الإليزيه وباختلاف مستوياتهن الثقافية والاجتماعية وطموحاتهن السياسية.
كل ما هناك: مكتب بالقصر الرئاسي وطاقم مصغر من المساعدين ونظام للحماية، بمخصصات من ميزانية الإليزيه، الباقي يتم ارتجاله ضمن حدود من التحفظ والتقاليد المكرسة.
قبل أن تتحدث الصحافة، في تفسير رغبة الرئيس على ترسيم دور «السيدة الأولى»، مشيرة إلى توجه عام لماكرون بأمركة طريقة الحكم، تشير الوقائع إلى أن الرئيس الشاب سبق له أن عبر عن هذه الرغبة خلال الحملة الانتخابية، وهو ما يعني بالنسبة للمدافعين عن هذه الخطوة أنها جزء من إرادة عامة للتحديث، أو هي بتعبير الرئيس نفسه محاولة لتجاوز النفاق الجماعي حول أدوار ومهام زوجة الرئيس.
رأي لا يتفق معه كثير من مواطني بلاد الأنوار، ذلك أن الآلاف منهم قد وقعوا عريضة مناهضة لهذا التوجه، معتبرين أن في الأمر تناقضا واضحا مع رزمة الإجراءات والقوانين ذات الصلة بتخليق الحياة العامة.
كثيرا ما يقول الفرنسيون إن «الملك يحتاج إلى ملكة»، لكنهم يبدون اليوم بأنهم باتوا يحبون الملك «الجمهوري» غير المتوج، دون أن يحبوا الملكة، خارج الظلال التقليدية لقائد البلاد والمؤسسات.
بقلم : حسن طارق
copy short url   نسخ
11/08/2017
2696