+ A
A -
بينما أنا جالس بأمان الله أتصفح أخبار هذا الكوكب الأهبل، إذ طلعت عليّ صحيفة «ديلي تليغراف» بخبر مفاده أن منظمة الصحة العالمية في طريقها إلى تغيير تعريف الإعاقة لتشمل العازبين والعازبات! أعدتُ قراءة الخبر مرة أخرى على أمل أن لا يكون صحيحًا، أو على الأقل لا تقف وراءه منظمة الصحة العالمية!
أن يأتي العبط من مجلس الأمن، هذا شيء اعتدناه، أن تستهبل الأمم المتحدة، هذا شيء ألفناه، أن تستظرف جامعة الدول العربية هذا شيء عهدناه! أما أن تمرض منظمة الصحة العالمية فهذا شيء لم يكن بالحسبان!
الزواج لا شك رباط مقدس بين رجل وامرأة، ما لم ترَ منظمة الصحة أنه رباط بين أطراف أخرى! به تنشأ الأسرة التي هي قوام المجتمعات منذ فجر الخليقة وحتى قيام الساعة، وهو قبل أن يُناط به استمرار العرق البشري، مهم للرجل والمرأة من زاوية أن كلا منهما إنسان فيه رغبات ومشاعر يزكيها كل طرف في الآخر، وإن كان الزواج فرصة سانحة لممارسة إنسانيتنا فإن كل فرد فينا هو مخلوق كامل الإنسانية ولا يحتاج غيره لينال شهادة أنه إنسان طبيعي، وكنت أنتظر من منظمة الصحة العالمية أن تُصنف زواج الرجل من الرجل، أو المرأة من المرأة، أو أحدهما من كلبه، من ضمن الإعاقات، لا أن تصنف البشر الطبيعيين تصنيفاً معاقاً!
هل تعيش منظمة الصحة العالمية معنا على هذا الكوكب؟!
هل تعرف أن العزوبية في كثير من الأوقات قهر نزل بالإنسان وليس اختيارًا اختاره بملء إرادته!
هل تعرف أن الشباب يركضون ليل نهار، يجمعون الدرهم على الدرهم، يتحدون الظروف والعادات والمتطلبات ليكون لأحدهم بيت وأسرة وزوجة!
هل تعرف أن النساء العزباوات تشتاق إحداهن لرجل يأخذها إلى صدره، ولطفل تأخذه إلى صدرها؟
هؤلاء ليسوا معاقين، وإن كان من شيء طبيعي وصحيح في هذا الكوكب فهم هؤلاء، الذين رغم كل هذا ما زالت العفة رداءهم، والانتظار رغيفهم اليومي!
إن كان هناك ما يستحق أن يُصنف على قائمة الإعاقة، فهو هذا الكوكب بأنظمته الفاسدة، بشركاته العملاقة الجشعة، ببنوكه التي لا تشبع، بمجلس أمنه شاهد الزور على الدول القوية وهي تسرق خيرات الدول الضعيفة، حتى لم يعد يجد أفرادها لقمة فضلًا أن يجدوا بيوتًا وزوجات وأزواجًا.
المعاق هو من أغلق أبواب الوظائف أمام الذين أفنوا أعمارهم على مقاعد الدراسة وبين الكتب.
المعاق هو من أشعل الحروب لتحرق الشباب وترمل النساء وتهدم البيوت.
المعاق هي وزارات الإسكان التي تقيم كل يوم مشروعًا على الورق.
المعاق هي العادات البالية التي ترى الزواج صفقة والمرأة سلعة والرجل تاجرًا.
المعاق هو الإعلام الذي لا ينفك يخبرنا كل يوم أن البيت يجب ألا يقل عن «فيلا»، وأن فستان الزفاف يجب أن يكون من أرماني، وأن شهر العسل يجب أن يكون في باريس.
كل أعزب وعزباء في بلادنا على الأقل هم ضحايا هؤلاء المعاقين، وليسوا من يستحق التصنيف على قائمة الإعاقة!
بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
10/08/2017
3757