+ A
A -
في أقل من أسبوع عقدت دول الحصار اجتماعاً لوزراء خارجيتها، وعقدت اجتماعاً لوزراء إعلامها، واجتماعاً ثالثاً لرؤساء أجهزة مخابراتهم، وإطلاق التصريحات تلو التصريحات لتضليل الرأي العام وهجوم إعلامي متواصل لتشويه سمعة قطر، نشاط يبحثون خلاله كيف يضعفون الروح المعنوية لدى شعبنا وكيف يؤذونه، ولكن هيهات لهم أن يحققوا مرادهم لأسباب عدة منها أن تصريحات وزراء خارجيتهم لا تتضمن في كل مرة غير الأكاذيب والافتراءات التي ملَّتها شعوب المنطقة والرأي العام المتابع للأزمة حول العالم، ولا يزالون يكذبون ويتحرون الكذب، لإقناع الناس بالكذبة الكبيرة ألا وهي كذبة دعم الإرهاب التي لم يقدموا- على مدى أكثر من شهرين منذ أن أطلقوها- دليلاً واحداً مقنعاً ومنطقياً على صحتها.
يبدو والله أعلم أن مساعدة الأطفال الأيتام والمحتاجين وإغاثة اللاجئين يعد في عرفهم وفكرهم وسياستهم إرهابا، لأن كثيرا من السياسات الفاسدة تعتقد أن التضييق على الشعوب في حياتهم المعيشية يلهيهم بالبحث عن لقمة العيش، ويبدو والله أعلم أن توفير التعليم لملايين الطلاب المحرومين منه حول العالم في مناطق الفقر يعتبر إرهابا، إذ إن من السياسات الفاسدة أيضا تجهيل الشعوب وعدم تنويرهم ووعيهم حتى لا يعرفوا حقوق المواطنة.
أما فيما يتعلق باجتماع وزراء إعلامهم فقد كان الهدف المعلن منه صراحة مواجهة قناة الجزيرة، فلكم أن تتخيلوا أن يجتمع وزراء إعلام أربع دول للبحث في كيفية مواجهة قناة الجزيرة التي لعبت دوراً مهماً في توعية الشعوب منذ انطلاقتها، ونشرت مراسليها في كل مكان لمعايشة الأحداث حول العالم ونقلها بدقة وصدق وموضوعية، لأنهم لا يريدون إلا إعلاماً يكون بوقاً لأنظمتهم لا يمرر لجمهور القراء والمشاهدين والمستمعين إلا ما يريدون، إعلاماً كذوباً يقلب الحقائق ويزيف الوثائق، إنهم لا يزالون يعيشون في أدغال الماضي، بل نائمون في أدغال التخلف الإعلامي، غير مدركين لطبيعة الإعلام المعاصر الذي ينقل الحدث على الهواء مباشرة متزامنا مع لحظة وقوعه، إن هذا الاجتماع وإعلان الهدف منه صراحة لدليل قاطع وبرهان ساطع على عدم فعالية وتأثير إعلامهم بدءا من قناة العربية وأخواتها سكاي نيوز والحدث والقنوات المصرية كافة وانتهاء بصحفهم ومرورا بإذاعاتهم.
كان الأحرى بهم والأجدى لهم أن يستفيدوا من مستوى المهنية العالي لقناة الجزيرة ويتعلموا كيف يكون الإعلام المؤثر الفعال، بدلا من أن يتخيلوا عبثا إمكانية تكميم الأفواه، فلقد مضى وولى إلى غير رجعة زمن إغلاق وسيلة إعلام، لم يعد بإمكانية أي نظام على وجه الأرض حجب المعلومات مهما أحاطها بالسرية التامة.
لكن فيما يخص اجتماع رؤساء أجهزة المخابرات لديهم، فنقول لهم تكونون واهمين حقا إذا تخيلتم أنكم باجتماعاتكم هذه تنالون من الروح المعنوية لشعبنا، ولو واصلتم الاجتماع ليل نهار فلن تهزوا شعرة من رأس أي طفل قطري.
كان المفروض أن تخصص كل هذه الاجتماعات في دول الحصار لمناقشة الآليات المثلى للتصدي للأعمال البربرية التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المسجد الأقصى المقدسيين، ولكن أصبح معروفا للقاصي والداني أن هذه الدول نفضت أيديها من قضية العرب الأولى قضية فلسطين، وتفرغت لحصار قطر والهجوم عليها، وسيشهد التاريخ على ذلك، سيشهد التاريخ أن أشد حصار نفذته هذه الدول كان ضد قطر، وسيشهد التاريخ أنها اختلقت اتهاما لقطر بدعم الإرهاب وعجزت عن تقديم دليل عليه لتنفيذ هذا الحصار، كما سيشهد بأن أشد حملات الهجوم الإعلامي ضراوة كان ضد قطر، استخدموا فيه أسوأ ما في القواميس من بذاءات.
ولكن في المقابل سيكتب التاريخ بأحرف من نور تصدي الشعب القطري لهذه الدول ووقوفه خلف قائده «تميم المجد» صفاً واحداً، كما سيكتب بكل فخر واعتزاز عن خصاله الحميدة وأخلاقه الرفيعة التي شهد له بها العالم في الرد على الإساءات.
هذه الأزمة التي افتعلوها وتداعياتها من حصار للشعب القطري وتقطيع أواصر الأسر الخليجية لن تكون أقل من وصمة عار في تاريخهم سوف تُدرَّس في كتب التاريخ كحلقة في سلسلة إخفاقات العرب للأسف، وإن غدا لناظره قريب.
بقلم : آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
06/08/2017
2407