+ A
A -
عندما تحدث إلينا حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، مساء الأربعاء، في اجتماعه بمجلس الوزراء، حديث القائد القوي للوطن القوي، وضعنا جميعاً أمام مسؤولية تاريخية، في تلك المرحلة الجديدة، من مراحل وطننا.
فبعبارة دقيقة قال صاحب السمو: «إن قطر بالنسبة لنا وللجميع في شهر يونيو 2017 تختلف عن قطر في السابق، فلنا تاريخ نفخر ونعتز به، ولكن ما حدث في شهر يونيو 2017 قوّانا، ودفعنا إلى المزيد من العمل لصالح هذا الوطن»، إنه تشخيص دقيق لموقف وطننا بعد الخامس من يونيو 2017، فقد تصور من حاصروا وطننا واهمين، أنهم سيضعوننا في محنة، لكننا بعزم وقوة قيادتنا، والتفاف شعبنا حولها واصطفافنا خلفها، حولنا المحنة إلى منحة، مستلهمين تاريخ وطننا الذي نفخر به، ومستمدين قوتنا من قوة قيادتنا، فازددنا عزماً وإرادة وقوة للعمل على ما فيه صالح وطننا، فارتد السهم الغادر إلى نحر من وجهوه نحونا، وتزينت بلادنا من أقصاها إلى أقصاها بصورة قائدنا تميم المجد، وعلم بلادنا الخفاق، ليتضاعف ولاؤنا ووفاؤنا لقائدنا، وتكاتفنا مع قيادتنا، ويتضاعف حبنا وانتماؤنا لوطننا، ووحدة صفنا خلف قيادتنا، وتنطلق طاقات العطاء من أرواحنا وسواعدنا، وهو ما أكد عليه صاحب السمو في حديثه لمجلس الوزراء، مشدداً على ما جاء في خطاب سموه التاريخي الملهم، الذي وجهه للمواطنين والمقيمين على أرض قطر الطيبة، في الحادي والعشرين من يوليو الماضي، على أهمية الاستثمار في روح العمل الإيجابية، والتكاتف، والدافعية في العطاء والإنجاز التي تميّز بها أهل قطر ومقيموها خلال الأزمة الخليجية، لتكون النهج والمقياس الذي يُبنى عليه عمل قطر المستقبلي، وتعزيز وتشجيع استمرار العمل بروح الفريق، والتعاون الذي تحلّى به الجميع، من مواطنين ومقيمين، كسمة بارزة خلال هذه الفترة.
في حديث صاحب السمو، لابد أن نتوقف ملياً عند تأكيد سموه على أهمية المرحلة المقبلة، والاستمرار قدماً في تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030، ومشاريع قطر التنموية الرئيسية على الوتيرة ذاتها التي كان عليها العمل فيها بالشكل الطبيعي وبالجودة المُثلى المتوقعة لمشاريع قطر دائماً، وعلى أهمية الاعتماد على النفس فيها، سواء من ناحية الأمن الوطني، أو الاقتصاد والغذاء والدواء، فذلك منهاج عمل وطني، لابد أن نحوله إلى خطط عملية سريعة، وقد كشفت «المحنة» عن قدرتنا الفائقة على الحفاظ على أمن وطننا، وجودة منتجنا الوطني، وما نحتاجه الآن.. الآن، هو المزيد من العمل بمنتهى القوة والعزيمة، والاعتماد على النفس، فقد استنفرت تلك الأزمة كوامن طاقاتنا وقدراتنا، وعلينا ألا نتوقف فقط عند استغلالها، وإنما نواصل مسيرة العمل بنفس المنهج، وبذات الاستنفار.
فللوطن رؤية طموح «2030»، من أجل مزيد من النهوض والتقدم، وعندنا مشاريع تنموية عظيمة، ننتظرها وتنتظرها الأجيال القادمة، وهي ما يجب أن نحافظ على وتيرة العمل فيها، بنفس السرعة ونفس الجودة، كما قال صاحب السمو.
إن جبهتنا الداخلية كانت العامل الأهم والأبرز في إفشال مخططات الشر التي أرادت بوطننا السوء، فقد كان رهانهم الشرير الحاقد أن أسواقنا ستنضب، وأننا سنعاني أيما معاناة في العديد من المجالات والاحتياجات اليومية، لكن يبدو أنهم لا يعرفون قطر وإرادتها جيداً، تلك الإرادة وروح التحدي والثقة بالنفس التي يتمتع بها شعبها، وذلك التخطيط المحكم، والاستعداد الجيد، والرؤية المستقبلية، التي تمتاز بها حكومتها، وهو ما وفر للمواطن والمقيم، جميع احتياجاته، ومستلزماته، وهي خطوة أساسية، وحجر زاوية يجب أن نبني عليه، وقد وجه صاحب السمو، في حديثه، الوزراء إلى أولوية التركيز على الجهد الداخلي في الفترة المقبلة، وتقوية الجبهات الداخلية الوطنية، سواء كانت في المجالات الاقتصادية، الأمنية، الصحية، والتعليمية؛ ففي مجال الاقتصاد والاستثمار وأهمية تنويع مصادر الدخل وجه سموه بسرعة الانتهاء من دراسة باقي القوانين المتعلقة بهذا المجال وتنفيذها.
من الأهمية بمكان، أن نتوقف عند حث صاحب السمو الحكومة على الترشيد في الإنفاق في موازنة العام المقبل، دون أن يؤثر ذلك على مشاريع قطر التنموية الرئيسية وجودتها، وعلينا في هذا الصدد، كمواطنين، أن نسمع ونعي وننفذ، ونرشد أيضاً.
ولأن قطر لا تساوم على سيادتها واستقلالية قرارها، فقد جدد صاحب السمو التأكيد على ما جاء في خطابه في الحادي والعشرين من يوليو، بشأن استعداد دولة قطر لحلّ الأزمة الخليجية من خلال الحوار، وأنه إذا كان هناك سعي لتحقيق اتفاق فيجب أن يشمل هذا الاتفاق جميع الأطراف، دون إملاءات، ودون تدخل في السيادة الوطنية والشؤون الداخلية لأي دولة.
فمازلنا نذكر ما جاء في خطاب أميرنا المفدى، من أن أي حل للأزمة يجب أن يقوم على مبدأين؛ أولاً: أن يكون الحل في إطار احترام سيادة كل دولة وإرادتها، وثانياً: ألا يوضع في صيغة إملاءات من طرف على طرف، بل كتعهدات متبادلة والتزامات مشتركة ملزمة للجميع، ونحن جاهزون للحوار والتوصل إلى تسويات في القضايا الخلافية كافة في هذا الإطار.
نعم.. إن سيادتنا خط أحمر، لا يجوز مجرد الاقتراب منه، هكذا علمتنا قيادتنا، وعلى هذا النهج تسير، ونحن من خلفها متمسكون، وعلى نهجها سائرون..
عند كل عبارة قالها صاحب السمو أمير البلاد المفدى، في حديثه، يجب علينا جميعاً أن نتوقف ونتأمل ونتعلم ونستجيب.
بقلم : عبدالرحمن القحطاني
copy short url   نسخ
04/08/2017
3292