+ A
A -
في الساعة الخامسة من مساء يوم الأربعاء 1990 هرعنا إلى غرفة وكالات الأنباء في جريدة الوطن الكويتية في شارع الصحافة، فقد أعلن جرس إحدى وكالات الأنباء عن خبر مهم وعاجل، لنجد خبراً من سطرين على وكالة رويترز يقول: «أظهرت الأقمار الصناعية أن القوات العراقية تجتاح العبدلي المركز الحدودي الكويتي» عدت إلى مكتبي وأرسلت الخبر إلى الرقيب يوسف الجلاهمة، الذي أحال الخبر إلى وكيل الإعلام والذي منع نشره وقال الجلاهمة ننتظر عودة الشيخ سعد العبدالله، ولي العهد الكويتي، رئيس مجلس الوزراء، من مفاوضات جدة مع عزت إبراهيم الدوري، نائب رئيس الجمهورية العراقية، فجاء مندوبنا من المطار ليقول إن الشيخ سعد اتفق مع الدوري إلى عقد لقاء ثانٍ يوم غد الخميس الثاني من أغسطس- الذي يصادف مثل هذا اليوم- في بغداد، لتخرج مانشيتات الصحف في ذلك الصباح بهذا المضمون فيما كان الحرس الجمهوري العراقي العائد شبه منتصراً من الحرب مع إيران يدخل بتشكيل عرضي مكون من 600 دبابة، ويصل إلى الصبية الحدود الكويتية الجنوبية مع السعودية، حينها ارتعبت الرياض حين وقف صدام حسين على حدودها الشرقية، ولم يكن يعلم أنه وقع في مصيبة سوف تدمره وتدمر العراق وهو ما حصل.
دخلت الكويت في حالة اللاحكم، فوضى أمنية وإدارية، ويشهد الله أن هناك رجالاً كويتيين الرجل بألف رجل، سارعوا إلى تنظيم الجمعيات التعاونية والمخابز والبترول والكهرباء، لكن الانفلات الأمني كان الهاجس الذي يرعب الأسر فكل بات مسؤولاً عن أمن بيته، والكل بات يحرص على اقتناء السلاح للدفاع عن النفس من اللصوص.
كانت الرياض تحادث الدوحة وكانت أبوظبي تحادث الدوحة وكانت المنامة تحادث الدوحة، فتشكل جيش خليجي، شكلت القوة القطرية رأس حربة حالت دون تقدم القوات العراقية إلى الأراضي السعودية، وحين احتل الجيش العراقي مدينة الخفجي تداعى الأشاوس بقيادة علي بن سعيد الخيارين، قائد المدرعات القطرية، الذي تقدم جنوده بلاند روفر فتسارع قادة المدرعات للالتفاف حوله وليتقدموه ويجتاحوا الخفي ويحرروها من الاحتلال العراقي.
هؤلاء الأشاوس القطريون يحزنهم أن يأتي من يتآمر على اللحمة الخليجية ويفت في عضد رجالها الذين كانوا في طليعة القوات التي دخلت الكويت في حرب التحرير أو عاصفة الصحراء، يحزنهم أن تساق المؤامرات ليقال إن قطر تتآمر على الأمن الخليجي وهي من قدمت رجالها للحفاظ على أمن الخليج ووحدته لا أدري كم كان عمر المتآمر حينها، لذلك يجب على الراشدين أن يقولوا له هذه قطر التي فتحت لنا المدارس، وهذه قطر التي أحضرت لنا المعلمين من مصر وفلسطين، هذه قطر التي صكت نقودنا، هذه قطر التي مدت يدها لمساعدتنا، هذه قطر التي فزت أوطاننا بأرواح رجالها.
هذه من التاريخ الحديث، وفي التاريخ عبرة ومن لا يعتبر لا خير فيه لأمته ولا وطنه ولا دينه.
نبضة أخيرة
الدهاء بذكاء الآخرين حيرة، فبع حيرتك واترك دهاء الآخرين.
بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
02/08/2017
2015