+ A
A -
عندما يَنهار جِدار الأخلاق تَوَقَّعْ ما لا يَخطر على البال، وأنتَ في أُمَّة تُنهكها الحُمَّى، حُمّى الرغبة في السيطرة وبسط النُّفوذ ومَدّ التوسعات حتى وإن كان على حساب الهوية والذات..
كيف يُمكن للفرد أن يَتَأَقْلَمَ مع بيئة عربية تَسْتَدْرِجُها هذه الفوضى إلى مُسْتَنْقَع السقوط، وكيف يُمكن للجماعة أن تَتَكَيَّفَ مع ظروف تَنقصها التربةُ الصحية لِزَرع ما تَبَقَّى من بذور القِيَم والأخلاق بعيدا عن الطفيليات الزاحفة التي لا شك في أنك سئمتَ من تَطَفُّلِها؟!
اِسْتَوْقَفَتْنِي مؤخرا رسالة واتس رقيقة خِطابُها يَقول من مصدر منقول: «هذا حال الدنيا.. ناس تحت التراب وتَزورنا في المنام.. ناس فوق التراب لا تَرُدّ علينا السلام». الحقيقة أن نَصَّ الخطاب طويل وهَامّ ويَحمل من العِبَر ما يَحتاج إلى أقلام، لكنني اكتفيتُ من خلاله بمعايَنَة التَّرَدُّدات والانزلاقات الخطيرة التي جَرفَتْ قَدَمَ الأُمَّة..
أسوأ ما يُمكن أن يَحصل هو تَخَلِّي المسلم عن أكثر ما يَدعوه إسلامُه إلى التَّحَلِّي به، إنها الأخلاق التي جاء الرسول صلى الله عليه وسلم لِيُتَمِّمَ مكارمها. وبين التَّحَلِّي والتَّخَلِّي تَخِرُّ صُروح وتُنْكَأُ جُروح..
دائما يتسلل إلى الذاكرة مَشهد الجار اليهودي الذي أَفْرَطَ في الإساءة إلى الرسول، وتَبلغ باليهودي الوقاحةُ مَبْلَغَ أن يَحمل قُمامتَه لِيَضَعَها قريبا من بيت الرسول، لكن الرسولَ لا يَنحدر إلى مستوى جار السوء، فَيَتركه يَصنع ما شاء.. ويأتي اليوم الذي يَمرض فيه الجارُ، فبمجرد أن يَصِلَ ذلك إلى علم الرسول يُبادر بزيارته لِيُرَسِّخَ مَقْصِد عيادة المريض.
بيتُ القصيد الأخلاق العالية التي تَجعَل اليهودي يَخجل من نفسه لما زاره الرسول غاضّا الطرف عن ذيل الإساءات التي يُمكنها داخليا أن تَجلد الذات.. إنه دَرس أعطاه الرسول لليهودي لِيَقُول له بالعمل: هذا هو دين الإسلام، دين السَّلام والسِّلم والْمُروءة..
فأين مِن أخلاق الرسول مَن هُم على المسلمين يُحْسَبُون، بينما باتوا يَتَوعَّدون وبِمَا يَجوزُ وما لا يَجوزُ يَهْذُون؟!
يَغيبُ مفهوم الأُمَّة التي تَعني (في مُقَدِّمَة ما تَعنيه) مجموعَةَ الروابط التي تَربط بين جماعة على مستوى العقيدة والتاريخ واللغة.. كيف لا وشَرّ ما يَقضي على ما يَتَوَحَّد عليه المسلمون هو ما يَأتي به الْمُفْلِسون!
والْمُفْلِس ليس هو فاقِد المال كما أَوْضَحَ المصطفى، إنما هو «مَن يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مالَ هذا، وسفك دمَ هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيتْ حسناتهُ قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار» (الحديث).
نَافِذَةُ الرُّوح:
«أرى الطريقَ ظُلمات تَمْتَدّ من العين إلى القلب».
«مهما ضاقَتْ بِكَ الحياةُ تَأَكَّدْ أن بابَ الله واسع».
«اُرْكُض إذا شِئْتَ، غير أن الهروبَ من قلبِك لن يَنفعَك».
«النَّدَمُ يُورِقُ..».
«مجنون من يَنْسى تاريخَه».
«أَعِرْنِي مُسَدّسَكَ لأنتقمَ من الزمن الذي رَحل دُون أن يَسْتَأْذِنَ».
«عُيون القَلْب لا تَعْمَى».
بقلم : د. سعاد درير
copy short url   نسخ
27/07/2017
4742