+ A
A -
عبرت الكلمة التي ألقاها صاحب السمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني،يوم الجمعة الماضي، عن مدى حكمة القيادة السياسية القطرية ومدى وعيها بتحديات المرحلة وكشفت عن ثقة عالية بالنفس وفهم دقيق للمشهد الدولي بكل تفاصيله.
ويمكن في هذا السياق تحليل ما ورد في هذا الخطاب المنهجي المهم من خلال العودة إلى جملة من الثوابت التي أكد عليها صاحب السمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وأهمها: تمسك قطر بسيادتها ورفضها لمنطق الإملاءات وفي ذات الوقت سعيها لرأب الصدع الذي تسببت فيه بعض المواقف السياسية الهوجاء لدول الحصار. فهذا الخطاب تميّز بلغة راقية وفهم عميق وقدرة على توصيف المشكل وتقديم الحلول المناسبة دون غوغائية أو كلمات فضفاضة خالية من المعنى مع ثبات على المبدأ قلّ أن نجد له نظير في السياسة العربية.
فقد كان واضحا رفض الانسياق وراء حملة «شيطنة» الدين الإسلامي وتحميله كل خطايا العصر من عنف وإرهاب وفوضى ليؤكد صاحب السمو أمير دولة قطرالشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أن الإرهاب لا يرتبط بدين محدد بقدر ما هو تعبير عن توجهات إيديولوجية متطرفة نأت عن تعاليم الدين، دون أن يعني هذا أن الإرهاب في جوهره يرتبط بالدين فحسب بل أن التطرف العلماني لا يقل خطرا عن التطرف الديني كمصدر للإرهاب. وفي ذات الوقت تضمن الخطاب إشارة ذكية حول الجذور الحقيقية للإرهاب والتي تكمن في عوامل الفقر والاضطهاد والاحتلال بوصفها بيئة اجتماعية وسياسية حاضنة لكل أشكال التطرف والعنف. وكان صاحب السمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في كلمته المهمة،حاسما في التفريق بين المقاومة المشروعة وبين الإرهاب مؤكدا أن هذا الموقف يشكل احد نقاط الاختلاف مع باقي دول مجلس التعاون دون ان يعني هذا انه يسعى إلى فرض تلك الآراء على الدول المخالفة.
ورغم أن قطر قد استطاعت أن تقلب المشهد الدولي لصالحها وأن تحشر دول الحصار في الزاوية فقد جاء خطاب صاحب السمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تصالحيا من حيث الرغبة في بناء أسس العمل المشترك ولكن ضمن احترام الثوابت التي حددها صاحب السمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بكل وضوح وأولها احترام السيادة القطرية والثاني أن لا يكون أي حوار في «صيغة إملاءات بل تعهدات متبادلة والتزامات مشتركة في ظل الحوار البنّاء».
وفي الجانب الثاني من الخطاب الموجه إلى الداخل القطري جاءت الكلمة مفعمة بالأمل وبالتخطيط المستقبلي من خلال التوجيه بتخصيص الاكتشافات الجديدة للغاز للاستثمار من أجل الأجيال القادمة. وفي ذات الوقت وضع أسس مزيد إنجاح التجربة الاجتماعية والاقتصادية القطرية عبر فتح الأبواب للاستثمار والانفتاح الاقتصادي على الدول الأخرى إقليميا وعالميا على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، إضافة إلى التوجيه بتطوير المؤسسات التعليمية والبحثية والإعلامية والقوة الناعمة القطرية وهو ما يشكل خطوات مهمة لمزيد الرقي والنهضة الحضارية لقطر وشعبها.
لقد كان خطاب صاحب السمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، معبرا عن مدى الوعي بترابط ما هو سياسي بما هو أخلاقي خاصة مع التأكيد على عدم التعامل بالمثل مع مواطني دول الحصار، وهذا التصور الأخلاقي الرفيع يكشف عن تمسك بالقيم الإسلامية وتشبث بالمبادئ الإنسانية السامية.
إن الدرس المحوري الذي ينبغي استخلاصه من البنية الخطابية لكلمة صاحب السمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، هو أنها قامت على الإقناع العقلي وتميّزت بصياغة محكمة جعلت الحق أكثر وضوحا وتجنبت لغة المهاترات والخطب المبتذلة التي ملّ الجمهور العربي سماعها من بعض حكامه. وهذا ما يفسر الاحترام الواسع والتقدير العظيم الذي يحظى به صاحب السمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بين جماهير الناس على امتداد هذا الوطن العربي الكبير.

بقلم : سمير حمدي
copy short url   نسخ
25/07/2017
2945