+ A
A -
بعد شهرين على اختراق إمارة ابوظبي موقع وكالة الانباء القطرية في 24 مايو الماضي، وما ترتب عليه من تفجير متعمد للأزمة الخليجية، اصبحت قطر اقوى وأكثر مناعة وقدرة على التصدي للحصار الغادر، بل وتفكيكه وإفشاله.
وليس ثمة شك في نجاح الدوحة بحشد دعم دولي متعاظم، لأسلوبها الحضاري الهادئ والعاقل، في التعامل مع الاقربين الذين آذوها، الى درجة ان الضغط الذي تعرضت له الدول الاربع ادى لتحويل المحاصِر إلى محاصَر، والمعاقِب إلى معاقَب.
ومع انكشاف فضيحة القرصنة وتأكيد المخابرات الاميركية ضلوع ابوظبي في تنفيذ المؤامرة وفبركة تصريحات نسبت زورا وبهتانا الى سمو الأمير، حدث انقلاب غيّر المعطيات وقلب الموازين ووضع الامارات وحلفاءها في موقف محرج لا يجدي فيه النفي او الانكار.
لم يدفع هذا الافتضاح، قطر الى تغيير اسلوبها الهادئ، وهو ما تبدى واضحا في الخطاب التاريخي الذي وضع فيه سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الشعب في صورة التطورات التي صبت جميعها في مصلحة الدوحة، ما ادى لزرع المزيد من الثقة في النفوس.
كان ذلك الخطاب الواقعي والمؤثر الذي اعتمد التهدئة لا التصعيد والتقريب لا التبعيد، والتحليل الموضوعي لما جرى، بمثابة «إعلان استقرار»، ينطوي على تمسك لا تفريط فيه، تجاه امرين يقودان المنهج القطري منذ اليوم الاول للنكسة الخليجية، ألا وهما اعتماد الحوار سبيلا للحلول والتسويات، واحترام سيادة قطر التي ترفض سياسة الإملاءات رفضا تاما لا رجعة عنه.
غير ان هذا السلوك الحضاري لا يعني اطلاقا تخلي قطر عن حقوقها، ومتابعتها القانونية الحثيثة لخيوط المؤامرة، وصولا الى معاقبة القراصنة الذين تحركوا من ابوظبي وقوّلوا قائد الوطن ما لم يقله، ما ادى وقتها الى توتير الاجواء وخلق الاكاذيب التي ثبت لحسن الحظ ان حبلها قصير.
ورغم ان الحالة الراهنة تتأسس على استمرار الازمة ولكن دون تصعيد من قبل الفرقاء، فإن قبول المحور الرباعي بالوضع القائم وعدم اصراره على اتخاذ المزيد من الاجراءات ضد قطر كما اراد، يؤكد شعوره بأنه كلما طال أمد النزاع، زادت خسارة دول الحصار خاصة على صعيد السمعة الدولية وارتفع منسوب التعاطف مع دولة صغيرة تكالبت عليها اربع دول منها اثنتان هما اكبر الدول العربية، بصورة غير قانونية، اتسمت بالغدر والرغبة الفاضحة بالانتقام من «طائر يغرد خارج السرب»!
لا ندري كم من الوقت سيمضي قبل ان توضع الازمة على سكة التسوية، لكننا نعلم انه لم يعد ثمة امكانية او احتمال للعودة الى الاسلوب الاستفزازي والانتقامي الساعي لإخضاع الدول او إملاء القرارات عليها بالإكراه والوعيد.
ولعل من اولى الثمار التي يمكن قطفها بعد ان تكشفت الامور تماما، ان الخليج لن يعود الخليج الذي أرادته دول الحصار ان يكون!

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
24/07/2017
987