+ A
A -
الحل الكامل للأزمة الخليجية اصبح في المتناول، هذا ما فهمناه من الرئيس رجب طيب اردوغان الذي يبدأ اليوم الاحد جولة تشمل السعودية والكويت وقطر. نتمنى ان يكون هذا صحيحا، خاصة ان القيادة القطرية التي تعاملت بوعي عال وثقة وصبر مع تبعات المقاطعة والحصار، بدت راضية تماما عما انجزته وحققته.
كذلك فإن الدوحة تقف على ما نظن، جاهزة لتقبُل أي حل يضمن امرين اثنين: ان يتم كل شيء على طاولة الحوار، وألا تُمس السيادة القطرية او آلية صنع القرار المستقل لديها.
وما دامت الأزمة تسير نحو التسوية كما خبرنا الرئيس التركي، فإن من المهم الاشارة الى الدرس التاريخي الذي استوعبته قطر من هذه الازمة، بعد ان ادرك الجميع في الاقليم وعلى مستوى العالم ان الدوحة كانت مستهدفة، وكانت بالفعل ضحية فيما كان الطرف الآخر هو الجلاد.
وإذا كانت قطر ضحية طغاة مستبدين لجأوا الى الاساءة لها والإضرار بها لمجرد انها تمسكت بحرية القرار، ولمجرد انها حققت النجاح تلو النجاح، ونالت سمعة دولية طالت القارات الخمس، فإن الاستنتاج الذي ترسخ في الاذهان يدخل في باب «رب ضارة نافعة» .. والضار هنا هو الحصار الجائر.
لم تنل دول الحصار من عزيمة قطر ولا من سيادتها واستقلالها. والواضح ايضا ان الدولة تمكنت من التغلب على كل تبعات الحصار الى درجة انها ابطلت مفعوله تماما.
وإذا كانت مئات الطائرات والبواخر قدمت من تركيا والهند وسلطة عمان وإيران وغيرها محملة بالغذاء والدواء، فإن السلطات المعنية في الدوحة بدأت من الآن مشروعا لتأمين مخزون غذائي للطوارئ يكفي لسنتين وأكثر.
كما فتحت قطر عدة خطوط ملاحية جديدة وتدبرت مع سلطات الطيران الدولي امر الممرات الجوية الجديدة التي تغلبت على سلبيات الحصار، وحافظت على صادرات الطاقة لكل المتعاقدين.
ولعل قطر على حق في انتهاجها سياسة الاكتفاء الذاتي على صعيد الانتاج الغذائي المحلي، من خلال مصانع قطرية خالصة، بعد ان كانت تعتمد قبل الحصار الغادر، على المواد الغذائية المستوردة من السعودية والامارات، بنسبة 80 بالمائة من احتياجاتها.
وليس هذا فحسب، بل لجأت دولة قطر الى عقد صفقات للتسلح بالاعتدة الحديثة، ليس للاعتداء على احد، ولكن للدفاع عن النفس، على ضوء ما أقدم عليه الاقربون لإخضاعها، وهو ما فشلوا فيه تماما.
ومع وصول طائرات التدريب الباكستانية شعرنا بأن قطر مقبلة على مشروع طويل الامد لتحويل الدولة الى حصن قادر على صد اي عدوان محتمل.
وليس سرا ان العبرة المستقاة من نكسة يونيو الخليجية، غيرت في الوعي والمفاهيم، وجهزت البلاد لمستقبل مفعم بالأمل والعمل والتجهيز والاستعداد لكل طارئ.
ويكفي قطر فخرا ان عملتها الوطنية الريال لم تهبط ، بفضل سياسة «الباب المفتوح» المسنود بأموال سيادية ضخمة لم تغير من نمط السحب والتحويل ولو ساعة واحدة منذ افتعال الازمة. نعم.. رب ضارة نافعة!

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
23/07/2017
1858