+ A
A -
ما أشبه اليوم بالبارحة، حين كان الأقصى أسيراً بيد الصليبيين بالأمس، ومحتلاً من الصهاينة اليوم، فحال المسلمين كان كما حالهم اليوم، ليس هناك قلب على قلب أخيه، وهناك حكام ممالك تعطى ولاءها للأجنبي، بل وتتآمر على بعضها البعض، إلى أن هيأ الله رجلاً يغضب لله ورسوله ومسراه، فكان ذاك الكردي صلاح الدين الذي هاجر أهله من شمال العراق وكان مولوداً صغيراً وخشي والده أن يصل بكاؤه إلى مسامع جيش هولاكو فيقضي عليهم وكان قد قرر قتله إلا أن أمه تعهدت أن يبقى معلقا في ثديها إلى أن يصلوا بر الأمان فكان، فرضع صلاح من أمه إيمانها، وإخلاصها له ولعقيدتها ودينها، وحين تولى شؤون مصر كانت الأمة تشكو من التشرذم والفساد والفرقة والتآمر والولاء للصليبي فقد رأى بتوفيقٍ من الله أن يخطو َخطوة إيجابية هامة في توحيدِ المسلمين فبدأ بحمل شعار: إصلاحِ العقيدة وكانت عقائدُ أكثرِ الناسِ قد فسدت في زمانه، ورأى صلاحُ الدين خطورة ذلك الفسادِ في العقيدةِ والأخلاقِ وكان يؤلم نفسَهُ ما يرى من اختلافاتٍ وفرقةٍ ونزاعٍ بين المسلمين، وشعرَ صلاحُ الدي ن بصعوبة ما هو مُقدمٌ عليه من عمل، ولكنه كان يرى أن صلاحَ أمرِ أمته وخروجَ المسلمين من أزماتهم الطاحنة لن يتمَ إلا بهذه الخطوةِ الإيجابية، وهي أولاً صلاحُ العقيدةِ، فقام بإنشاء المدارس التي تدعو إلى مذهبِ أهلِ السنةِ والجماعةِ، وهو المذهبُ الذي يمثلُ الاتزانَ والتعقلَ من بين المذاهبِ الأخرى، ولما أحسَ صلاحُ الدين بنجاحِ هذه الخطوةِ توجه إلى توحيد بلادِ المسلمين ليتمكن بذلك من مواجهة أعداءِ الإسلام بصفٍ موحدٍ لا عداوةَ َبين أصحابه ولا خلاف، ولم يكن هذا الطريقُ ممهداً أمامَهُ، بل كان فيه كثيرٌ من العقبات، وكان من أولِ تلك العقبات أن امتنع والي حلب عن فتح أبوابها أمامَ صلاحَ الدين بل تجاوز َذلك إلى محاولة قتلِ صلاحِ الدين فأنجاه الله من كيده.
وهنا عزم صلاحُ الدين على مواجهته بعد أن استعان والي حلب بالإفرنج ولكنهم لم يستطيعوا الصمودَ أمامَ قوةِ الجيشِ الإسلامي ثم كان تآمرُ الإفرنجِ على المسلمين، فهجموا على دمياطَ والإسكندرية ولكن الله هزمهم.
كان اذن إصلاح العقيدة وللأسف هناك حكام اليوم يحاربون إصلاح العقيدة فتآمروا على من أراد إصلاحها في مصر وفي تونس وفي عواصم عديدة، ليبقى هذا الوهن، أمس كانت الغضبة للمسجد الأقصى من القدس إلى عمان إلى إسطنبول إلى انقرة إلى الأقاصي البعيدة تهتف من اجل مسرى رسول الله ما عدا فضائيات الحصار التي ارتعبت من الفيض الجماهيري في العواصم فبقيت الجزيرة والقنوات الشريفة تنقل الغضب والعنف الإسرائيلي في مواجهة حماة الأقصى الذين بإذن الله سيولد من بينهم صلاح الدين، ليحمل الرسالة ويعيد للقدس كنائسها ومساجدها تغني للسلام.
نبضة أخيرة
بيني وبين عينيها نهر ووطنان، ومنها تعلمت كيف هو طعم البطيخ!

بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
22/07/2017
1592