+ A
A -
على الرغم من أن عبدالإله بن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية والرئيس السابق للحكومة المغربية، دخل في شبه اعتكاف منذ إقالته في مارس الماضي، فإنه ظل يستقطب الاهتمام في ما يقول ويفعل.
ساد اعتقاد أن بن كيران لم يكن راضياً عن الطريقة التي أعفي به من منصبه وتكليف زميله في الحزب الدكتور سعد الدين العثماني تشكيل الحكومة، لذلك سينسحب من قيادة «العدالة والتنمية» ويعتزل الحياة السياسية، بيد أنه ظل متردداً إلى أن قرر الأسبوع الماضي أن يبقى في القيادة إلى حين انعقاد مؤتمر الحزب في ديسمبر، وسط تكهنات بأن يعدل القانون الداخلي للحزب ليتسنى له التمديد لولاية ثالثة.
قال بن كيران لأول مرة إنه كان يعتزم بالفعل تقديم استقالته، بيد أنه عدل عن ذلك.. مشيراً بوضوح إلى إنه لم يتأسف على إعفائه من رئاسة الحكومة، وتحدث بلغة عاطفية قائلاً: «لم أحزن على المنصب ولو لحظة واحدة».
وكانت تلك إشارة إلى أنه لم يخرج من رئاسة الحكومة بطريقة لائقة.
جرت العادة في المغرب أن من يعفى من منصبه يستقبل من طرف الملك ويبلغ بقرار الإعفاء، وهذا الأمر لم يحدث مع بن كيران. بيد أن هناك من يفسر ذلك بأن تشدد بن كيران ورفضه تشكيل حكومة ائتلافية واسعة أثار عليه غضب القصر الملكي، وعندما رفض تليين شروطه لم يكن هناك حل سوى إقالته وتكليف قيادي آخر من حزب، كما ينص على ذلك الدستور.
لكن بن كيران الذي كان يتحدث في اجتماع حزبي مغلق، طلب من أعضاء حزبه، وعلى الرغم من مرارة الإعفاء، مساندة حكومة سعد الدين العثماني، وقال بوضوح: «لدينا تفاهمات مع الملك محمد السادس والحكومة الحالية يقودها العدالة والتنمية وبالتالي علينا مساندتها».
كانت تلك أوضح إشارة إلى أن بن كيران لن يدفع الحزب ليقف موقفاً سلبياً من حكومة العثماني.
في سابقة لافتة كشف عبدالإله بن كيران، وهو يتحدث عن تاريخ الحزب، ومساره، النقاب عن الكثير من الأسرار.. ومن بين هذه الأسرار أن العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني طلب من «الإسلاميين» الذين كانوا يعملون آنذاك تحت مظلة حزب «الحركة الشعبية الدستورية» عدم خوض انتخابات جرت في عام 1992، ولم يسمح لهم بخوض الانتخابات حتى عام 1997؛ حيث حصلوا على تسعة مقاعد، ثم في انتخابات عام 2002 حصلوا على 42 مقعداً، وظل الحزب في تصاعد حيث حصل في انتخابات العام الماضي على 125 مقعداً وأصبح القوة السياسية الأولى في البلاد.
وكشف بن كيران النقاب عن واقعة كانت متداولة على نطاق ضيق في المغرب، وهي أن السلطات كانت تعتزم حل حزب «العدالة والتنمية» بعد تفجيرات الدار البيضاء التي وقعت في 16 مايو 2002 حيث فجر انتحاريون أنفسهم في عدد من المطاعم والفنادق.
كانت الخلاصات التي توصلت إليها السلطات الأمنية آنذاك أن الزخم الذي خلقه الحزب هو الذي أدى إلى تنامي التوجهات «الجهادية»، وبالتالي تقرر حله.. يومها قابل بن كيران تلك الدعوة بأسلوبه التهكمي قائلاً: «إذا كانوا لا يريدون هذا الحزب لن نتمسك به» بيد أن الهبوب مرت دون أن تثير العواصف.
لكن بن كيران تذكرها الأسبوع الماضي وهو يتحدث عن «المحطات الصعبة» في تاريخ حزبه؛ إذ عرج عبدالإله بن كيران كذلك على ما بات يعرف باسم «حراك الريف» وهي الاحتجاجات المستمرة منذ ثمانية أشهر في منطقة الحسيمة شمال البلاد، وقدم رؤيته في هذا الصدد، مشيراً إلى أن سبب الأزمة كان التلاعب في آخر انتخابات جرت في أكتوبر، وليس عدم إنشاء مشاريع، لكن بن كيران الذي أبقى جسوره مع الدولة قائمة، قال إن حزبه سيعمل على تهدئة الأوضاع هناك.. هكذا هو الرجل السياسة عنده دائماً هي «فن الممكن».

بقلم : طلحة جبريل
copy short url   نسخ
22/07/2017
2713