+ A
A -
يتصرف نتانياهو كديناصور عالق بين الأيام، ولأن حيواناً عالقاً كهذا، تضيع عليه التفاصيل وتفر من بين أصابعه الحقائق، فإن تحوله السريع من «ديمقراطي» إلى دكتاتور لا يضطهد الفلسطينيين فقط بل المعارضين اليهود أيضاً، يفضح فشله في تأمين سفينة إسرائيلية تضمن الأمن والسلامة لركابها.
ليس سراً أن الساسة اليهود أخرجوا أوروبا عن طورها بسبب تدخلهم المشين في شؤونها، فما كان منها إلا أن منحتهم أرضنا في فلسطين وأرسلتهم إليها تحت الشعار الكذاب: أرض الميعاد.
غير أن أرض الميعاد التي وفدوا إليها بالسفن قطعاناً رثة أصبحت أرض عذاب لكل صهيوني يقيم على ترابها، وعندما رفعت معظم الدول المحيطة بإسرائيل الراية البيضاء علناً أو سراً، ظل الفلسطينيون الذين يقارعون الاحتلال منذ مائة عام، يواصلون كفاحهم الذي أثبت عجز إسرائيل عن احتلال فلسطين فعلاً وعلى أرض الواقع.
عدم القدرة على إخضاع الفلسطينيين، خلق حالة هلع في أوساط الحاخامات والمستوطنين وكل يهودي يدنس أرض الرباط، إذ هل يُعقل أن يمر القرن العشرون كله دون أن يستسلم أهل هذه الديار، رغم طابور العملاء؟
رجال ــ مع التحفظ على الكلمة ــ مثل محمود عباس ومحمد دحلان وجبريل الرجوب وحكومات عميلة مثل إمارة أبوظبي ومصر السيسي (لا مصر الشعب)، تآمرت كلها لتصفية القضية الفلسطينية عبر مبادرة «تركيعية» تعطي إسرائيل السطوة على العرب والمسلمين، رغم أنها لا تملك ذرة واحدة بين النهر والبحر، بشهادة اليونسكو والخبراء، وإقرار العالم كله بهذه الحقيقة الدامغة.
يظن البعض أن نتانياهو ومشاركيه في السرقة أذكياء ضمنوا صناع القرار في البيت الأبيض والكونغرس، غير أن سلطة متهورة يقودها رئيس لا ناقة له ولا جمل في عالم السياسة, كما قال تيلرسون نفسه، لن تورث المنطقة إلا الفوضى، والمزيد منها كل يوم، ما يعني في النهاية قلق إسرائيلي تجاه مستقبل غامض، ومحمل بكل الاحتمالات.
يريد نتانياهو الأقصى إسرائيلياً خالصاً دون إشراف أردني أو دولي، وهذا تطلع قاتل كما ستبرهن السنوات المقبلة، ويريد ضم الجولان كله وتكسير رأس حماس بطلب من عباس الذي يحتقره الليكوديون بسبب إخلاصه لعدوه المفترض، إسرائيل، إلى الحد الذي يرشد فيه أمن الاحتلال إلى المقاومين لاعتقالهم وتعذيبهم.
الفساد يحيط برئيس الحكومة الإسرائيلية وعائلته على شكل منافع ورشاوى، غير أن رائحة الخطر تطل عليه من معلومات مؤكدة تفيد بأنه اشترى كميات نفط ضخمة من داعش بسعر مشجع، ويخشى نتانياهو الصامت الآن، أن تتساقط مكونات الفضيحة وتكشف عما هو أخطر تجاه العلاقة بين إرهابيي إسرائيل وإرهابيي داعش.
وما يعذب هذا «السفيه» أن إسرائيل خارج التاريخ والجغرافيا قانوناً فلا القدس لها ولا هيكل هناك أو حائط مبكى، ولا حتى جذور قومية أو دينية عميقة. لذلك يستحيل أن تزدهر دولة الأكاذيب والجماجم، بل هي مرشحة للاندثار مهما طال الزمان، إلى جانب السقوط المدوي القادم لا محالة لسلطة مجلس الأمن والفيتو الجائر الذي يحصر الصلاحيات في أيدي الخمسة الكبار وينسى «195» دولة !

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
21/07/2017
1139