+ A
A -
يروى ان معاوية بن ابي سفيان جلس في يوم شديد الحرارة بمجلس مفتوح الجوانب يرقب الطريق فشاهد رجلا مقبلا نحوه وهو يتلظى من حر التراب فقال لجلسائه هل هناك أشقى ممن يحتاج إلى الحركة في مثل هذه الساعة والله ان كان قاصدي لاعطيه،أو مستجيرا لأجيره أو مظلوما لنصرته!
وكان الرجل يقصده فعلا،فلما وصل اليه،سأله عن حاجته،فقال الرجل:«جئت اليك شاكيا من عاملك مروان بن الحكم يا امير المؤمنين،فقد كانت لي زوجة وهي ابنه عمي وكنت لها محبا.فلما اصابني القحط وقل مالي،هجرني الناس وأخذ عمي زوجتي مني.فذهبت إلى عاملك مروان أستنجد به، فاحضر اباها وزوجتي ليسمع منهما.فلما رآها وقعت منه موقع الاعجاب فأنكرني ورماني في السجن.وسمعت أنه خطبها من ابيها ودفع له عشرة آلاف درهم، ثم اجبروني على تطليقها وتزوج منها»!
بعد ان انتهى الرجل من حكايته سقط مغشيا عليه من فرط الحزن والتعب،فما كان من معاوية الا ان أرسل خطابا شديد اللهجة لمروان وأمره بتطليق الفتاة وارسالها في الحال.
امتثل مروان للامر وارسل أبياتا يعتذر فيها عن فعلته ولم يغفل عن تضمينها ابياتا للترغيب قال فيها:«اعذرني فانك لو أبصرتها لفعلت فعلي، فسوف تأتيك شمس ليس يعدلها عند الخليفة إنس ولاجان»! دفع الفضول معاوية لطلب رؤية الفتاة عند وصولها.فلما جاءت دهش من جمالها وحسنها.فلما استنطقها وجدها افصح النساء لسانا واعذبهن منطقا، فبعث إلى الاعرابي وجيء به في سوء حال.ولما وقف بين يدي الخليفة سأله قائلا:هل لك عن سعدى(اسم زوجته)من سلوى، وانا اعوضك عنها بثلاث جوار مع كل واحدة ألف دينار، واقسم لك من بيت المال ما يكفيك كل سنة ويعينك على صحبتهن؟!
لما سمع الاعرابي ذلك شهق شهقة حسب معاوية منها انه مات. فلما سأله ما بك؟ قال لقد استجرت بعدلك من جور بن مروان فمن من أستجير من جورك؟
فجعل معاوية يتفكر ثم قال انت طلقتها ومروان طلقها فهي حرة ومن حقها الاختيار!
فقال الاعرابي اذن افعل ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
ولما أحضرت سعدى خيرها معاوية قائلا أينا أحب اليك امير المؤمنين في عزه وشرفه وسلطانه ومكانته وقصوره والحال الذي تصيرين عليه عنده، أم هذا الاعرابي في جوعه وفقره وسوء حاله؟(لاحظوا الوصف لزيادة التأثير) فكان رد الاعرابية مثارا للاعجاب والتقدير اذ قالت: والله ما أنا بخاذلته من اجل حادثة الزمان وغدر الايام..ان لي معه صحبة لا تنسى، ومحبة لا تبلى، وانا احق بالصبر معه على الضراء كما تنعمت بالسراء.!
....وهكذا الاختيار. ونعم الاختيار!

بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
20/07/2017
1725