+ A
A -
القلب الرقيق يَخشى أن يَجرحكَ مهما قَسَوْتَ عليه. القلب الرقيق يَلينُ لكَ مهما جَفَوْتَ أنتَ وجَفَوْتَ، فَقَلْبُ مَن يُحِبّ لا يَعرف سوى الركوع.
كثيرة هي المواقف التي تَفتح لنا نافذةَ التأمل، لِنَزِنَ فيها الأمورَ بالقلب لا بالعقل، وما أكثر الأشياء التي يَعجز فيها العقلُ عن التدخل، فنَلْجَأ إلى القاضي العادل الذي يَكونُه القلب لِيَحكم الحُكْمَ الذي تَرتاح أنتَ له.
القلوب الصَّدِئَةُ ما جدوى أن تَنتظر منها الرحمةَ..! ما جدوى أن تُمَنِّيَ نَفْسَك بهدايتها ما لم تَنْظف هي من كثبان الصَّدَإ..!
جَرِّبْ أن تَنْكَسِرَ كالعود اليابس.. جَرِّبْ أن تَنهار باكيا بعد رحيل مَن حملوا معهم كل شيء حتى الدموع.. جَرِّبْ ألاَّ تُمَثِّلَ دورَ العارِف الذي يَعرف فقط أنه لا يَعرف شيئا..
حُلْمٌ أن تَبلغَ من المعرفة والحكمة ما بَلغَه عالم الاجتماع العربي عبد الرحمن بن خلدون، فلم يَكُن الرجلُ قَطُّ تَوَّاقاً إلى الشهرة بِزاد معرفي هزيل وصَبْر قليل كما يَفعل البعضُ في الزمن العربي المنكسِر.
بابُ الإنسان يَفتحه لك عبد الرحمان الذي وَهَبَ وقتَه وروحَه لعلم الاجتماع العربي وفلسفة التاريخ زاحِفاً ببساط يَقينه المعرفي من تونس إلى القاهرة إلى أَرْقى الكراسي العلمية لتتوالى حلقات مسلسل التميز والنجاح إلى أن تسأل عنه أوروبا وقد انطفأَتْ شمعتُه بينما رَبضَتْ في المقدمة (مقدمته) خيوط نور تُزاحِم أنفاسَ الظلام الجاثم وتَتفوق عليها..
ابن خلدون الذي تَوَلَّى القضاءَ بمصر في عهد السلطان برقوق وجدناه يَضبط ميزانَ العدالة الإنسانية (التي ما أحوجنا إليها في زمن القطيعة)، يُعَلِّمُنا الدرسَ، ويُصلح الأُمَّةَ قبل أن تَعتلّ ولا تَسمح لأوروبا بالبحث عن بديل (بدائل) لِسَيِّد الضوء الذي أوصى بالحكمة، والرحمة، في زمن الظلام..
رَحَلَ عبد الرحمان الذي بَكَتْه أوروبا لما سبقَتْ مقدمتُه خبرَ موته.. بَلَغَها موتُه قبل أن يَصدح صوتُه في مآذن بيوت العلم المترامية على امتدادها الجغرافي..
ابن خلدون الذي هدم صَرْحَ النفاق ودعا إلى الرحمة بالأطفال، حتى لا يكذبوا ولا يخادعوا، وأرسى أكثر من طريقة لتقوية مَلَكَة الحفظ عندهم والعمل على استقامة اللغة وشَحْذ انتباههم، لَنْ يَجودَ الزمنُ بعُودِ طِيبٍ يُضاهيه ضَوْعاً في زمن يَبْعث على الغثيان مِن فرط الجهل والهذيان بما يَصحّ وما لا يَصحّ..
أينكِ يا أوروبا من زمن عبد الرحمان والْمَجْد الذي كان؟! أينكِ في عهد موت الإنسان؟! وهل سيَنبعث من قبر عبد الرحمان مَن يَستحق أن تَبكيه الآن؟!
نَافِذَةُ الرُّوح:
«عُيون القَلْب لا تَكْذِب».
«ما أجمل الأمومة، حتى لو كانت الأُمّ قِطَّة!».
«كلما احترقْتُ أكثر فأكثر أضاء الحَرْفُ.. كلما انهمرَ الدمعُ أكثر فأكثر تَأَلَّقَتْ عَيْنَا الحَرْف..».
«لَدْغَة عقرب الزمن منها السّمّ ومنها الترياق».
«سُئِلَ الأسدُ: من أين لكَ بهذه الثقة؟ أَجابَ: اِسْأَلُوا اللبؤة».
«قَدَرُنا أن نَهِيمَ كالعُميان بحثا في كل مكان عن قُدُرات لا تُوجَد إلا في داخلنا».
«أَمَا آنَ لِي أن أُقاضي مَن فَقَأَ عينَ الشمس في قلبي؟!».

بقلم : د. سعاد درير
copy short url   نسخ
20/07/2017
2778