+ A
A -
لا يحق لأي عربي أو مسلم اليوم ان يتظاهر بالغضب، بعد اقدام السلطات الإسرائيلية وللمرة الأولى منذ عام 1969 على منع الصلاة في المسجد الاقصى، ولا يحق لهم ايضا ان يتقمصوا القلق أو الفزع أو حتى الدهشة لأن ما حصل قبل ايام هو النتيجة الطبيعية لعقود من التخطيط الإسرائيلي الرامي للهيمنة على المدينة المقدسة بكل ما فيها من اماكن دينية، وهو جهد لم تحاول سلطات تل ابيب في اية لحظة اخفاءه أو التعمية عليه أو حتى الصمت بشأنه، بل انها كانت حريصة دائما على ان تقول للجميع دون مواربة: هذه مدينة يهودية وهي جزء من ارض إسرائيل وسنقوم بضمها إلينا في نهاية المطاف.
تعلم إسرائيل تمام العلم ان العرب والمسلمين قد استنفذوا غضبهم ومظاهراتهم وتنديدهم ووعيدهم في حروب واقتتالات داخلية لم تصب يوما سوى في مصلحة الكيان الغاصب وهي تعلم ايضا انه في ظل الاوضاع المزرية التي تعيشها الدول الكبرى والصغرى، فان الامر لن يتطلب سوى سنوات قليلة اخرى قبل القيام بالخطوة الاخيرة التي قد تتمثل في هدم المسجد أو طرد السكان المسلمين من محيطه أو ربما تخصيص جزء منه للصلوات اليهودية على اعتبار انه يقوم فوق هيكل سليمان المزعوم.
إسرائيل تدرك ان اللحظة الحالية من تاريخ هذه الامة هي الانسب لفرض واقع تاريخي وديموغرافي جديد في القدس، فالدول العربية المشغولة حتى اذنيها بمحاربة الإرهاب لا علاقة له بالإرهاب ودعم حركات وجماعات سياسية ليست لها علاقة بالديمقراطية لسلب ارادة شعوب انتفضت ذات يوم من اجل التحرر، لا يمكن ان يكون الاقصى من بين اولوياتها اليوم.
كما ان دولا كانت تقدم نفسها دوما بانها آخر من سيقوم بالتطبيع مع إسرائيل باتت اليوم تسابق الزمن من اجل اقامة علاقات سرية وعلنية مع تل ابيب، بل وحتى مشاركتها في مؤامراتها ضد الشعب الفلسطيني وفي تدمير مقاومته السياسية والعسكرية، من اجل هدف واحد فقط وهو احتفاظ حكامها بكراسي الحكم لسنوات قادمة مع دفع كل ما يلزم من اموال لاي كان من اجل الوصول إلى هذا الهدف.
الاقصى لم يعد اولوية، ولا فلسطين، ولا أي شيء آخر.. اولويتهم اليوم هي المزيد من التمرغ في وحول المداهنة وتقديم انفسهم على انهم حماة الإنسانية من الإرهاب.. وهو إرهاب ما فتئوا يصدرونه للشعوب التي ثارت من اجل حريتها وكرامتها.

بقلم : لؤي قدومي
copy short url   نسخ
19/07/2017
4407