+ A
A -
عندما قرأت صباح امس بيانا معدا مسبقا يقول فيه انور قرقاش ان توقيع قطر مذكرة التفاهم بشأن وقف تمويل الارهاب، مع الولايات المتحدة، يمثل تطورا «إيجابيا» فوجئت، وأيقنت ان في الامر «إنّ».
فمنذ متى تطلق ابوظبي صفة «إيجابي» على شيء مصدره الدوحة، فكل الشرور والاكاذيب تصب على رأسها دون تحفظ، وبحقد وجنون واضحين. لذلك سارعت الى اجراء جولتي الانترنتية المعتادة، حتى عثرت على سر قرقاش.
السر هو في الواقع فضيحة «بجلاجل» كما يقول اخواننا المصريون، حيث نشرت الـ «واشنطن بوست» تقريرا منسوبا للمخابرات الاميركية جاء فيه ان مسؤولين في الـ «سي. آي. إيه» حصلوا على معلومات مؤكدة تفيد بأن مسؤولين إماراتيين كبارا ناقشوا التسلل الالكتروني المزمع ضد مواقع حكومية قطرية في 23 مايو الماضي، اي قبل حدوثها بيوم واحد.
ورغم ان المخابرات الاميركية لم تبت بعد ما اذاكانت ابوظبي هي التي نفذت القرصنة، او دفعت اموالا لطرف ما للقيام بذلك، فإن التفاصيل كلها ستتساقط تباعا كأوراق الخريف، وربما تقود حتى الى دور محمد دحلان في المؤامرة.
سفير الامارات بواشنطن سارع الى إنكار ما اوردته الصحيفة الكبرى. ولكن ماذا يملك يوسف العتيبة سوى الانكار، رغم ان أحدا لن يأخذه بعين الاعتبار، خاصة وقد كشفت تسريبات بريده المخترق الشهر الماضي وجود علاقة وثيقة بين ابوظبي ومؤسسة تدعى «الدفاع عن الديمقراطيات» وهي منظمة يمينية موالية لاسرائيل ولها حظوة لدى دونالد ترامب.
كتبنا عن التسريبات، التي ثبتت صدقيتها منذ حدوثها، لكننا نعود الى تلك المؤسسة التي طلبت من ولي عهد ابوظبي ترتيب لقاء لها مع دحلان، في الوقت الذي كانت فيه قطر تطلق صرخة مدوية الى العالم، مفادها، ان أشرارا اخترقوا بريد حكومتها وقَوَّلوا صاحب السمو الأمير المفدى، ما لم يقله، لكن أحدا لم يصدق، فاندلعت الأزمة، الى أن بانت الحقيقة منذ ساعات فقط في ظل المعادلة التاريخية: «حبل الكذب قصير» أيها الاغبياء!
الاعتقاد السائد أن انور قرقاش الذي يتولى حقيبة الخارجية في الامارات هو الذي قاد المؤامرة ضد قطر، ولا نعرف على وجه التحديد إن كان قد نسّق التفاصيل مع الرياض والمنامة والقاهرة، ام انه نفذ الاختراق الالكتروني ثم كشف الحقيقة لأطراف المؤامرة، او ربما لم تعرف بعد!
ولكن لا بأس من كشف المزيد من محتويات البيان المكتوب سلفا والموقع باسم انور قرقاش. فبعد ان وصف البيان توقيع قطر مذكرة التفاهم مع تيلرسون بأنه تطور ايجابي، قال: «نحن نريد حلا إقليميا للأزمة ومراقبة دولية»، دون ان يشير الى اسم الجهة او الجهات التي ينبغي مراقبتها!
وإذا كان قرقاش يريد الآن التأكد فقط مما اذا كانت قطر راعية للأفكار الجهادية والارهابية أم لا، قال ان «توقيع الدوحة للمذكرة هو تتويج لجهودنا في مكافحة الارهاب»!
غير ان قرقاش الذي اقتربت نهايته السياسية بعد انكشاف الحقيقة، لم يتحدث في بيانه المعد سلفاً عن مشاركة الامارات مباشرة وفعليا في الحرب اليمنية وفي الحرب الليبية، بل واحتلالها أراضي في البلدين!

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
18/07/2017
1392