+ A
A -
الأقصى الذي اغلق يوم الجمعة وأعيد فتحه أمس الاحد بالتدريج، لن يكون الاقصى الذي عرفناه على مر العقود. وإذا كان المسجد قد اغلق عام 1969 بسبب الحريق المشهور في منبر صلاح الدين داخل المسجد، فإن السبب الآن مختلف جدا ومسيّس بالكامل.
ليس صحيحا ان اطلاق النار في محيط الاقصى الذي نجم عنه استشهاد ثلاثة مقاومين ومقتل اثنين من شرطة الاحتلال، هو السبب وراء الاغلاق، فخطوة منع الصلاة التي اختارها نتانياهو وسط غليان الاوضاع العربية استهدفت امرين الاول جس نبض الشارع الاسلامي تجاه اغلاق اهم مقدساته بعد مكة، والثاني التمهيد لإعلان السيادة الاسرائيلية الكاملة على المسجد، وربما «التكرم» على المقدسيين بتقاسمه مثلما فعلوا بالحرم الابراهيمي في الخليل المحتلة.
نقول ان الاقصى لن يكون الاقصى لأن سلطات الاحتلال استولت على مفاتيح جميع ابوابه، ورفضت ان تعيد الى وزارة الاوقاف الاردنية المفاتيح التي منحت للهاشميين بموجب «العهدة العمرية» جيلا وراء جيل.
كذلك منع العدو الأزلي لفلسطين حراس الاقصى من دخوله واستولى على بعض محتوياته واعتقل مفتي فلسطين وخطيب المسجد وعددا من موظفيه لفترة، معلنا من خلال مسلكه العدواني والمنقلب على التفاهمات السابقة، انه صاحب السيادة والادارة الوحيدة على القدس وكل حجر فيها حتى مساجد المسلمين وكنائس المسيحيين.
واذا كانت ردود فعل بعض الدول العربية منساقة وراء الرغبات اليهودية كنظام السيسي الذي وضع العملية البطولية للشهداء الثلاثة وإغلاق المسجد الاقصى في اطار «العنف والعنف المضاد»، فإن محمود عباس من ناحيته اتصل بنتانياهو معزيا ومعربا عن أسفه وإدانته للعمل الفدائي في محيط الاقصى، قبل ان يطالبه اليوم التالي بإعادة فتح الاقصى، من باب رفع العتب طبعا، متفهما بالسر اسباب منع الصلاة فيه.
عباس أضر بقضية الشعب الفلسطيني أكثر بكثير مما أضرّ بها نتانياهو، فالاخير ينفذ «واجبه» ضد عدوه، اما ان يكون عدوك من لحمك ودمك فيحوله فورا الى «حصان طروادة»، وإلى «فيليب بيتان» آخر، في اشارة للجنرال الذي سهّل للنازيين احتلال بلاده فرنسا.
ما حدث للأقصى هو جزء مما يحدث لفلسطين كلها في غمرة قناعة ليكودية بأن هذا هو أنسب الاوقات سياسيا لضم فلسطين بالكامل عدا التجمعات السكانية الفلسطينية التي يخططون لإلحاقها بالاردن الرافض لذلك، ومد الجسور التجارية مع العالم العربي خاصة الدول الرئيسية فيه في الاسابيع المقبلة.
وباستثناء تركيا وأربع دول عربية تظاهرت او احتجت لإغلاق الاقصى واغتيال الفلسطينيين، فقد مرت هذ الجريمة الاخلاقية والدينية دون إعاقات تذكر او احتجاجات تؤثر. لذلك فإن الاقصى تهوّد في اليومين الماضيين وسط دعوات يمينية بمنع المسلمين من الصلاة فيه نهائيا! شكرا عباس على ما أوصلتنا إليه!!

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
17/07/2017
1279