+ A
A -
قل كلمتك، وأحرص ألا ترد إليك فارغة، وأمض، إلى شأن آخر!
كثيرون في هذه الدنيا، لا يقولون كلمتهم.. وإذا ماقالوها خرجت من فم غير مليان..
فارغة، والكلمة الفارغة، ترد فارغة، بالطبع!
ما هذا الفراغ العريض الذي نعيشه؟
لو لم تكن، كلماتنا فارغة، ماكان.. ولولا أن كل أفعالنا، مثل كلماتنا ماكان..
وكذا لو لم تكن أحلامنا.. ولو لم تكن عقولنا، وأخيلتنا.. لو لم نكن، نحن، فارغون!
الكلمة الفارغة ثرثرة..
والثرثرة، مرتبطة بإثنين المرأة والحلاق، لكن دراسة أميركية قالت إن الرجال
أكثر ثرثرة من النساء، ولا أعرف ماذا يمكن أن تقول الدراسة التالية عن الإثنين معا:النساء وأولئك الذين يجزون رؤوسنا جزا،.. وحتى لا أتهم بأني أتحدث في السياسة، فانني هنا أعلنها بالفم المليان،
أننى اتحدث عن الحلاقين، وليس عن بعض قادتنا الجزارين!
أنا رجل، إذن أنا أثرثر:
إبني الذي علمته ممرضة هندية، في مستشفى حمد، عادة مص الإصبع، منذ أول يوم، جاء إلى هذه الدنيا،
الممتلئة بالكلام الفارغ، كبر الآن.. غير أنه لا يزال متى ماحاول أن ينطق السين، لا ينطقها صاح!
تلك العادة كانت وراء مده للسانه وهو ينطق السين ثا.. والسبب هو هذا التقدم للأمام في اسنانه العلوية والتراجع بالتالي في أسنانه التحتية!
حكيت لكم الحكاية، ملايين المرات: بعد ان وضعت مدامي المولود، بعملية قيصرية، تعرض لعملية
ابعاد قسريا- عن ثدييها ليومين- إلى حجرة يعيّط فيها المواليد القياصرة، المحرومين من الأثداء!
و... لوضع حد للعياط الثقيل، راحت الممرضة الهندية، تضع في فم هذا سبابته، وفي فم ذلك خنصره، وفي فم الثالث، بنصره، ولأن إبني كان كمن يقود اوركستر العياط، فقد وضعت في فمه إبهامه كله!
كانت تلك أول عملية غش، يتعرض لها طفلي، في حياته!
لا أعرف أين الممرضة الهندية، الآن، والتي تشير كل حساباتي أنها قد هرمت، مثلى، وأنا الذي لا يزال في انتظار تلك اللحظة التاريخية!
لا أعرف في أي مكان تهز الآن رأسها هزة خفيفة، من اليمين إلى اليسار، وتأكل «السالونا» و« الشباتي»
وتريح أذنها من عياض المواليد القياصرة!
ما أعرفه، ان حرف السين لا يزال يتعب إبني. ما أعرفه إنه الآن يتكلم الإنجليزية بمنخار كاوبوي، في جامعة نورث ويسترن!
ما أعرفه أكثر، أنني صرتُ أثرثر لكم، الآن، مثل أي رجل آخر..
أنا أثرثر.. إذن أنا رجل..
ذلك أحدث تعريف للرجولة، بعد أن فقدت الرجولة كل معانيها الحقيقية!
بالمناسبة، متى تنحل الرجولة، من هذه التاء المربوطة.. هذه التاء التي تربطها ربطا بعالم الحريم، ومتى تنحل منها المرأة، لتدخل عالم المساواة مع الرجل، من أنبل أبوابه؟!
متى يكف الإثنان عن الثرثرة.. متى يكف الثلاثة؟

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
17/07/2017
2840