+ A
A -
عندما قال ركس تيلرسون لدى مغادرته الدوحة إن الأزمة الخليجية تحتاج «وقتا»، تبرع المتبرعون بإضافة «طويلا» او «كبيرا» وتشجّع البعض مثل انور قرقاش الى الدعوة لقطيعة طويلة مع قطر.
مثل هؤلاء لا تهمهم مصلحة احد او معاناة احد، كما ان كثرة الكلام واللجوء الى المبالغة حينا والاستفزاز حينا آخر يعقد الحل ويطيل امد الازمة، وهو ليس لصالح هذا الطرف او ذاك.
وقد استرحنا لفترة من تعليقات ترامب وتغريداته بعد ان عهد بالازمة الخليجية الى تيلرسون، لكنه اطل مجددا من شباك «العديد» مثنيا على الادارة القطرية لهذه القضية في البداية، لكنه اضاف ما معناه: نحن مرتاحون في القاعدة، ولكن اذا اضطررنا فإن عشر دول تتمنى ان ننقل قاعدتنا اليها دون ان ندفع دولارا واحدا مقابل بنائها!
ليس جوا صحيا هذا الذي نراه: تيلرسون اللبق العارف بالمزاج الخليجي يتكلم في واد والرئيس يتكلم في واد آخر. ثم ما الذي حرك ترامب ليقول ما قاله سوى الرياض التي خصصت مئات المليارات لمصلحة واشنطن من جهة، وللانتقام من الدوحة وليس التوصل الى حل معها، من جهة اخرى.
قادة كأردوغان والبشير ووزير خارجية فرنسا يشدون الرحال الى الخليج لمحاولة التوصل الى حل في اطار الوساطة الكويتية، علما بأن آخر ما تريده الولايات المتحدة والسعودية والعرب عموما كما يتردد، هو تدهور الاوضاع في الخليج الى درجة قد تسمح بفتح ايران بابا واسعا لها نحو قطر.
وفي كل الاحوال فإن من المبكر الحديث عن فشل الجهود السلمية التي يبدو من مسلك الرياض وأبوظبي والمنامة انها هي التي تسعى لإدامة النزاع، او على الاقل لإطالته على امل إلحاق الاذى بقطر، وهو مسار ذو طبيعة انتحارية.
ولكن ما فاجأ المراقبين المحايدين، هو مكابرة دول الحصار رغم ان الدوحة نجحت في ثلاثة امور مهمة، الاول فوزها اعلاميا بالضربة القاضية على خيار الحصار الجائر الذي لا يستند الى قانون او شرعة اخلاقية او انسانية، وانما الى الرغبة في الانتقام (VENDETTA) كما يقول عرابو المافيات، ما كرس في العالم كله صورة المستبد, ممثلة بدول الحصار الذي تفرضه الرياض وحلفاؤها، وصورة الضحية ممثلة بقطر التي رفضت معاملة الخصم بالمثل، مقدمة للخليجيين المقيمين لديها كل التسهيلات وأسباب الراحة دون ان تطلب من واحد منهم الرحيل.
الامر الثاني قول تيلرسون لدول الحصار: «إذا لم تستطيعوا حل المشكلة الآن فإن المستفيد الاكبر هو ايران». هذه المعلومة كشف عنها «بي جي كراولي» الناطق السابق بلسان الخارجية الاميركية, ما يعني ان تيلرسون يعبر عن خشيته ليس فقط من تقرب ايران نحو الدوحة، ولكن ما يعنيه ذلك من شق التحالف السني الهش، وانتقال الكثيرين من معارضي طهران العرب الى صفها اذا اعلنت وقوفها الكامل، كتركيا، الى جانب قطر المظلومة.
اما الامر الثالث فهو توقيع قطر مذكرة التفاهم مع واشنطن بشأن وقف تمويل الارهاب، وهي خطوة تحرج دول الحصار الاربع جميعها، المتورطة بصورة او اخرى بمشاكل ارهابية وأمنية بل وحتى عسكرية خارجية، تفوق بأضعاف ما هو منسوب الى قطر من امور مفبركة.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
16/07/2017
1020