+ A
A -
إذا كانت دول الحصار تأمل حتى الآن، بأن تنهار جهود الوساطة الهادفة إلى إنهاء الأزمة الخليجية، فإن الأذكياء وحدهم قرأوا الرسالة من عنوانها في اليومين الأخيرين.
فالنوايا أكثر من واضحة، وكذلك الإصرار الغربي على وقف التدهور، وما قد يترتب عليه من عمى مضاعف قد يصب الرؤوس الحامية، وأوهام يقظة بل وسحر أسود يدفعها إلى انتظار قطر المستأنسة الخاضعة المنزوعة السيادة والقرار.
إنه «حلم ليلة صيف» كما عنون شيكسبير إحدى مسرحياته، في غمرة رغبة عارمة في احتواء الحريق، أبدتها كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وروسيا، وأخيراً فرنسا.
قرئت الرسالة من اللحظة التي أصبحت فيها قطر أول دولة توقع مذكرة التفاهم الخاصة بوقف تمويل الإرهاب، وهي خطوة صفق لها وزير الخارجية الأميركية وامتدحها بعبارات قوية، جعلت البعض في عواصم الحصار يتهمونه بالميل إلى الدوحة، ويتوقعون لقطر أن تنكص بوعودها.
لسنا في موقع تبادل كرات الاتهام بتمويل الإرهاب أو رشق البيوت ذات الزجاج الهش، فنحن معنيون هنا بما قاله تيلرسون من أن المذكرة جاءت نتيجة أسابيع من المباحثات المكثفة بين الخبراء، وأنها ترتكز على إجراءات جدية ستتخذها واشنطن والدوحة خلال الأشهر والسنوات المقبلة لتعطيل عملية تمويل الإرهابيين.
وكان مضحكاً قول المحور الرباعي إن المذكرة هي استجابة لمطالبه وليس لمطالب الأميركيين، ولكن ما دام طلبهم الرئيسي قد نفذ فلماذا التشكيك والتخبط وانتقاد الخطوة القطرية ووصفها بغير الكافية؟
وكما قال لنا الوزير تيلرسون فإن الاتفاق وهو الأهم بالنسبة إليه منذ توليه منصبه، يشمل خطوات تؤكد التزام البلدين بتعهداتهما، ويشدد على أن البلدين سيعززان تعاونهما ومشاركتهما للمعلومات لإبقاء المنطقة وأراضيها آمنة. كما حيّا الوزير قطر لكونها أول من استجاب لمساعي وقف تمويل الإرهاب.
وفيما نتساءل عما إذا كانت واشنطن من الغباء بحيث وقعت اتفاقاً مع دولة يتهمها الأربع بتمويل الإرهاب، أم إذا كان أولئك الأربع هم المتورطين وليس قطر، فقد حرص تيلرسون على التذكير بأن المذكرة التي وقعتها الدوحة تستند إلى مخرجات قمة الرياض بين الملك سلمان ودونالد ترامب في مايو.
في ذلك الاجتماع دعا الرئيس الأميركي إلى تعزيز جهود مكافحة الإرهاب، وهو ما سيعيد التأكيد عليه بعد منجزات وزير خارجيته، ما سيتيح له الثناء على قطر وبالتالي انتهاء الخلاف الذي نشأ بين الرئيس من جهة ووزيري الخارجية والدفاع من جهة أخرى، بشأن كيفية التعامل مع الأزمة الخليجية.
لكن ترامب الذي صمت عن الكلام منذ تغريدته الشهيرة حول قطر والتي سحبها في وقت لاحق، سيقول الكثير الآن، بعد أن زار تيلرسون الدوحة للمرة الثانية في يومين استمع خلالهما إلى أقوال الكويت والسعودية .. ما نأمله الآن أن تسفر أيام محملة بالجدل والنقاش، عن نتائج إيجابية تنهي الأزمة بسلام وتضع حداً لمعاناة شعوب «التعاون».

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
14/07/2017
1367