+ A
A -
«ضربة المعلم» التي أقدمت عليها قطر عندما وقعت مع وزير الخارجية الأميركية ركس تليرسون مذكرة تفاهم بين البلدين لمكافحة تمويل الإرهاب، يفترض أن تشكل أول خطوة جدية للخروج من المأزق الخليجي.
لم تكن الدوحة مجبرة على اتخاذ تلك الخطوة، لكنها أرادت أن تمارس أقصى درجات الصراحة، وأن تعلن للجميع أنها لا تخفي شيئاً. وهذا الاتفاق المهم والتاريخي يُفَعِّل على الفور آلية مراقبة أميركية للتأكد أخيراً من صدقية قطر التي شككت بها دول المحور الرباعي المدعوة الآن إلى الانضمام إلى هذه الاتفاقية هي الأخرى.
وعندما أشاد تليرسون بقوة، بالخطوة القطرية، وبمواقف الدوحة «العقلانية من الأزمة الخليجية مع جيرانها»، سمعنا الوسيط الكويتي يعلن على لسان الشيخ صباح الأحمد عزمه على مواصلة جهود الخير بعد أن طرأت «إيجابيات» تشجع على ذلك.
حتى دول الحصار اضطرت إلى الترحيب بتحفظ طيعاً، بالمفاجأة القطرية عندما وصفتها بأنها «غير كافية»، لكن غير الكافي بالمفهوم الدبلوماسي هو أمر قائم وتم بالفعل وإن كان الذي أطلق تلك الصفة يريد المزيد.
ولعل الاجتماع الذي عقده تليرسون أمس مع الدول الأربع في الرياض، في أعقاب إطرائه دون تحفظ على مواقف قطر، يمثل الإنجاز التالي في السير نحو حلحلة المأزق ووضعه على سكة التسوية.
وكان تليرسون واضحاً جداً عندما قال في الدوحة ما نصه «لديَّ أمل بأننا قادرون على إحراز تقدم لدفع الأمور نحو الحل» مضيفاً أن: «الولايات المتحدة ترغب في تجنب أي تصعيد إضافي. وإذا عدنا إلى تغريدة ترامب التي تحامل فيها على قطر ثم تراجع، فقد لوحظ أنه عهد إلى تليرسون، ووزير الدفاع جيمس ماتيس بإدارة الأزمة الخليجية، ولوحظ أيضاً أنه لم يتحدث إطلاقاً عن تلك الأزمة، ربما بانتظار اللحظة الأخيرة لتحقيق الانسجام والتجانس بين القيادات الثلاث، البيت الأبيض، الخارجية، والدفاع.
يقول المنطق، وتؤكد المعطيات أن الدول ذات الصلة بالأزمة ليست بحاجة إلى توتر جديد في الخليج، سيقود المنطقة إلى المجهول إذا تُرك دون علاج.
وثمة ضغوط ومصالح لعشرات الدول المهمة، في أن يضع هذا الخلاف أوزاره، تجنباً للانزلاق في لحظة غضب أو رؤية ضبابية غير حكيمة، إلى مواجهات لا تحمد عقباها، ويكون الكل فيها خاسراً أو غير قادر على التراجع.
فلنرحم على الأقل أيها الإخوة الأعزاء في خليجنا العربي الحبيب شرائح واسعة من المواطنين في قطر ودول الحصار أيضاً، حيث طالتهم الإجراءات على كل المستويات الاجتماعية، وبالآلاف، وبينهم عائلات متصاهرة وطلاب ومرضى ورجال أعمال وأصحاب مصالح انهارت عيشتهم، وفاجأتهم التدابير وأربكت حياتهم وأرهقتهم مالياً ونفسياً.
لقد تفاءلتُ بكلام الشيخ صباح الأحمد، وبما قاله وزير الخارجية الأميركية، وقد حان وقت ترامب ليضع نقطة على آخر السطر.. نقطة مضيئة، لا نقطة سوداء.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
13/07/2017
1097