+ A
A -
مثلت أزمة الخليج الأخيرة والتي لا تزال أطوارها تتفاعل يوميا منعرجا حاسما في واقع العلاقات العربية البينية وذلك في المنطقة الأكثر حساسية بالنسبة للأمة العربية الإسلامية. فالأزمة بكل تفاعلاتها كشفت أمرين مهمين. يتمثل الأول في هشاشة البنية الاقليمية من ناحية العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الدول ويتجلى الثاني في انعكاس هذه الهشاشة على المؤسسات المشتركة.
فبالأمس القريب كانت الجامعة العربية أو ما يسمى بجامعة الدول العربية شاهدا على هذا العجز والتفتت حيث لم تكن قادرة على منع الحروب التي تضرب المنطقة منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمان.
اليوم يقف مجلس التعاون الخليجي باعتباره المؤسسة الخليجية الأبرز عاجزا عن فض الأزمة الأخطر التي تضرب دوله الأعضاء خاصة بعد حصار قطر ومحاولة فرض الوصاية عليها.
مجلس التعاون الخليجي يحمل في بيانه التأسيسي تنصيصا على لجنة فض النزاعات داخل المجلس وهي لجنة تكلف بالتحرك في حال حصول خلاف بين الدول الأعضاء من أجل العمل على إيجاد حل سريع للمشاكل الداخلية لكن الأزمة الأخيرة أظهرت أن هذه اللجنة ليست إلا مكونا صوريا في صلب المجلس ليس إلا.
السؤال الذي يطرح بقوة اليوم هو لماذا عجزت المؤسسات العربية عن الفعل عندما استلزم الوضع ذاك؟ وما هي الأسباب التي منعتها من الفعل وحالت دونها ودون إنجاز ما من أجله بُعثت؟
الثابت اليوم هو أن العمل العربي المشترك لم يكن في الحقيقة غير مجموعة من النوايا الطيبة التي أعرب عنها بعض القادة العرب يوما ما إرضاء لتطلعات شعوبهم. لكن هذا العمل المشترك مع مجموع المؤسسات التابعة له أصبح اليوم في قبضة القرار السياسي للطرف الأقوى في المعادلة العربية.
فإذا كانت مصر إلى وقت قريب هي المتحكم الحقيقي في قرارات ومسار جامعة الدول العربية فإن مجلس التعاون الخليجي كان دوما في قبضة المملكة العربية السعودية بشكل جعل من القرار السياسي للدولة الأكبر مركزيا مقارنة بالدول الأصغر التي تحول دورها إلى دور ثانوي مكمل للدور السعودي. هذا الوضع الذي أثبت هشاشة مؤسسات العمل العربي المشترك هو الذي يطرح التساؤل عن مستقبلها وعن دورها القادم.
ليست هذه المؤسسات اليوم إلا جزءا من وضعية الإيهام بالعمل العربي المشترك في حين أن كل المؤشرات على الأرض تؤكد عجزا فادحا وقصورا نوعيا يستلزم إعادة التفكير في استقلالية المؤسسات المشتركة وضرورة فصلها عن القرار السياسي الفردي الذي أضر بها وأضر بالدول التي تنضوي تحتها.
بقلم : محمد هنيد
copy short url   نسخ
13/07/2017
2691