+ A
A -
لم تتضح بعد نتائج محادثات وزير الخارجية الاميركية ركس تيلرسون المكثفة حول ازمة الخليج والتي بدأت بالكويت امس في غمرة تقارير تؤكد ان الوزير سيبقى في الخليج عدة ايام، ويزور قطر والسعودية.
غير ان هذه الخطوة الجدية من جانب الولايات المتحدة لم تمنع محللين وخبراء غربيين من توقع ازمة طويلة تمتد لاسابيع وربما شهور، كما قال «كريستيان اولريشن» الخبير في شؤون الخليج بمعهد «بيكر» الاميركي للدراسات، مضيفا ان الازمة تسير، كما يَعتقد، في طريق مفتوح.
ويظل السؤال قائما: هل يحقق تيلرسون الاختراق الذي يضع الازمة على سكة الحوار؟، غير ان الدوحة لم تتردد في حقن الرأي العام بمزيد من التطمينات، عندما اعلن محافظ مصرف قطر المركزي في حديث لمحطة «سي. ان. بي. سي» ان لدى بلاده سيولة تكفي لمواجهة اي نوع من الصدمات.
وتتمثل هذه السيولة اضافة الى 340 مليار دولار كاحتياطي وطني، بـ 300 مليار اخرى تملكها هيئة الاستثمارات وقابلة للتسييل، عدا عن امتلاك المصرف المركزي 40 مليار دولار.
وبعد ان قال وزير المالية القطري ان بلاده «تملك مالا كثيرا يجنبها القلق مما ستفعله السعودية»، ها هو «كريستوفر ديفيدسون» خبير الشرق الاوسط في جامعة «درم» البريطانية، يقول: «يبدو ان السعودية والإمارات استخفتا بقدرة قطر على جر لاعبين اقليميين كبار مثل تركيا وايران الى النزاع بهذه السرعة».
وإذْ يرى كريستوفر انه «لا مكان للتنازلات الآن»، فقد لوحظ ان لوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني الذي امضى اياما في التنقل بين عواصم الخليج، لم يُحدِث أيَ مفاجأة، ولعله يستعد للرحيل وإخلاء الساحة لتيلرسون الاكثر تأثيرا وأهمية.
ويبدو ان الاستراتيجية القطرية تستند الى الاخذ بالحسبان كل الاحتمالات، بما في ذلك تلويح الطرف الآخر باستخدام القوة، وهو احتمال يضعف مع استمرار الخلاف وليس العكس. لكن حُسْنَ التصرف يقتضي «توَقُّع غيْر المتوَقَّع»، كما كان المعلم الصيني يقول لتلميذه في مسلسل «كونغ فو».
الحوار وعدم الرضوخ هما اللذان يرشدان سياسة قطر كما قلنا بالأمس، يُضاف إليهما ذلك الحس الوطني العالي الذي أبداه الكثير من القطريين عندما رفضوا السفر الى الخارج في اجازاتهم السنوية، بهدف دعم السياحة الداخلية وإنعاشها.
ورغم فتح قطر خمسة خطوط ملاحية جديدة، وإعلانها، كأكبر مُصَدِّر للغاز الطبيعي المسال في العالم، عزمها زيادة إنتاجها منه بنسبة 30 بالمائة، فإن ثمة مخاوف يبديها الأميركيون خصوصا من أن يتصاعد الخلاف قريبا في خضم تعهد دول الحصار بالبحث عن إجراءات جديدة ضد الدوحة، ربما يكون من بينها تعليق عضوية قطر في مجلس التعاون، رغم استحالة موافقة ثلاثة من أعضاء المجلس على هذا التوجه الانشقاقي الخطير.
والواضح لكافة المحللين العقلاء والمحايدين، أن تعليق عضوية قطر في «التعاون» إذا تم سيضر بالرياض أكثر مما يضر بالدوحة، لأن القطريين سيجدون أنفسهم في هذه الحالة مجبرين على تعميق العلاقات بكافة أشكالها مع دول أخرى، لتأمين البديل المؤقت في البداية، عن الشريك الخليجي.
وهذا يعني بصراحة، أن من الضروري الإسراع في الحل، لأن استمرار الأزمة لفترة طويلة سيخلق أجواء واتفاقيات جديدة، يصعب كثيرا التراجع عنها مستقبلا تحت أي ظرف.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
11/07/2017
1178