+ A
A -
ما من شك في ان موقف دول الحصار العدائي ضد قطر والذي صدر بعد انتهاء اجتماع هذه الدول في القاهرة، دون اتخاذ اي اجراءات، قد اصابه ارتباك شديد على خلفية اتصال الرئيس الأميركي المفاجئ بالمجتمعين، طالبا التسريع في الحل.
وعلى ضوء ذلك الاتصال تأخر الاجتماع ساعة جرى خلالها تعديل البيان الختامي الذي خلا من اي اجراء جديد ضد الدوحة. غير ان المحور الرباعي سارع الى استبدال استراتيجيته لتصبح أسوأ، وأشد عداء وإصرارا على الانتقام.
وإذا كانت الرؤوس الحامية التي التقت في ظل نظام السيسي، احد أسوأ الدكتاتوريات في العالم، قد سعت لإرضاء الرئيس الاميركي في البيان المشترك، فإنها اوضحت ان المطالب الثلاثة عشر التي رفضتها قطر، استُبدلت الآن بخطة جديدة تنص على تصعيد الحصار، الى حد الإيذاء، إذا استطاعت.
وما يحزن حقا ان المحور الشرير يحمل فوق رأسه اثقالا شريرة لن يُكْبَحَ جماحُها إلا بقرارات قوية تعيد الواهمين الى رشدهم. ومع معرفتنا بأن الموقف القطري يقوم على معادلة ثابتة عنوانها «نعم للحوار، لا للرضوخ»، فإن شعور واشنطن ولندن وبرلين وباريس وموسكو المتزايد، بأن القطريين ليسوا في وارد التخلي عن سيادتهم او المساومة حول قرارهم المستقل، دفعها الى ارسال وزير الخارجية البريطاني جونسون الى الخليج منذ الجمعة الماضي، فيما شدَّ وزير الخارجية الاميركية تيلرسون الرحال الى الكويت ومنها الى بقية دول الخليج.
وإذْ تتحدث التقارير عن انغماس ألماني وفرنسي عميق في الازمة الخليجية، فان الاهم بين هذه التحركات والمقترحات، هو قدوم تيلرسون لأول مرة الى عواصم الخليج، وفي ذهنه افكار وحلول قد لا ترضي ذوي الرؤوس الحامية الذين ما زالوا يحلمون بتجريد قطر من عناصر قوتها وتفردها.
الشر باد في بيان الاربعة الجديد حين قال انها «ستتخذ بحق قطر كل الاجراءات السياسية والاقتصادية والقانونية بالشكل الذي تراه وفي الوقت المناسب، بما يحفظ لها حقوقها وأمنها واستقرارها وحماية مصالحها من سياسة الحكومة القطرية العدائية».
هذه لهجة تستخدم بين آمرٍ ومأمور، لكن الدول المستقلة لا تخَاطَبُ بهذا الاسلوب الاستفزازي. لذلك فإن الأمل برأي الكثيرين معقود اولا وأخيرا على ما يفعله تيلرسون الذي سلمه ترامب ملف الازمة الخليجية.
حتى الآن، الحرب التي تشنها دول الحصار هي حرب نفسية، وعندما ألغت المطالب الثلاثة عشر فهي تجهز لما هو أسوأ منها بكثير، بهدف إلحاق الضرر بقطر.
والخيار العسكري ليس غائبا عن مخيلاتهم المريضة، فهذا وزير خارجية البحرين يعتبر «إحضار قطر قوات عسكرية تركية» يوسع الخلاف الامني والسياسي الى عسكري ايضا تتحمل قطر مسؤوليته، حسب ادعائه.
وهذا ما يثبت من جديد انه لولا السرعة في حضور القوات التركية، لكان المحاصِرون (بكسر الصاد) قد لجأوا إلى القوة من اول لحظة. ومن حسن حظ الدوحة، ان العالم الحر كله معها ضد الاستبداد الرباعي.
صحيفة «الأهرام» قالت صراحة صبيحة اجتماع دول الحصار في القاهرة، إن قوات مصرية سترابط في جزر حوار البحرينية، على بعد امتار من اليابسة القطرية، وهذا من مؤشرات الغدر التي انكشفت وأفشلت المخطط. لهذا فإن القادم قد يكون أسوأ، إلا إذا تمكن زوار الخليج وعلى رأسهم تيلرسون من توجيه الأمور بصورة اخرى تضع العصي في دواليب المحور.

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
09/07/2017
1084