+ A
A -
تتسارع الأحداث الداخلية في فنزويلا، وربما تقترب من لحظةِ المواجهاتِ العسكريةِ المكشوفةِ بين نظام الرئيس نيكولاس مادورو، ومجموعات المعارضة التي بدأت عملياً تشتبك بمواجهات مباشرة ولو كانت محدودة مع قوات الجيش والأمن في مناطق مختلفة داخل العاصمة كراكاس، وفي مناطق مختلفة من تلك البلاد الواسعة المساحة نسبياً.
وقد جاءت مؤخراً، حادثة مهاجمة الطائرة المروحية لمقر المحكمة العليا، ومقر وزارة الداخلية في العاصمة كراكاس، لتَدُقَ ناقوس الخطر من إمكانية إتساع المواجهات الميدانية العسكرية، وتحوّل الحالة الملتهبة في البلاد من مواجهات سياسية بالمظاهرات الشعبية في الشارع إلى مواجهاتٍ عسكرية لاتُحمَد عقباها، حال إنتشر لهيبها في البلاد.
وكانت مجموعة من عناصر الأجهزة الأمنية الفنزويلية، برئاسة الضابط أوسكار بيريز، هاجمت قبلٍ أيامٍ قليلة، وبالذات يوم 27 يونيو 2017، مقر المحكمة العليا، ومقر وزارة الداخلية بمروحية، وأعلنت عن بدء انتفاضة مسلحة لإسقاط نظام الرئيس نيكولاس مادورو، خليفة الرئيس الراحل هوغو تشافيز.
لقد دأبت المعارضة الفنزويلية مؤخراً، على رفع منسوب فعالياتها في الشارع في مواجهة نظام الرئيس نيكولاس مادورو بهدف زيادة الضغط على حكومته، ودفعها للاستقالة، بينما كان ومازال صوت الرئيس مادورو يدعو للحوار، خاصة بعد الإحتجاجات العنيفة التي وقعت الشهر الماضي، وأسفرت عن مقتل 21 مواطناً خلال ثلاثة أسابيع.
إن الفتيل الذي أشعل الوضع الداخلي في فنزيلا، جاء بعد قرار المحكمة العليا، بتقييد صلاحيات الجمعية الوطنية (البرلمان) الذي تُسيطر عليه المعارضة. فالخلفية التي تقف وراءها المعارضة في مواجهة نظام الرئيس نيوكلاس مادورو، تتحد كما قال زعيم المعارضة (هنريك كابريليز) باحتجاجها على تعديل الدستور وهو التعديل الذي وصفته بــ «الإنقلاب» الذي قام به الرئيس مادورو، في إشارة إلى قرار المحكمة العليا بسحب صلاحيات البرلمان التي تهيمن عليه المعارضة، قبل أن تلغي المحكمة قرارها تحت ضغوطٍ دولية. إضافة إلى ذلك إن المعارضة الفنزويلية تتهم الرئيس نيوكلاس مادورو باتباع إجراءات استبدادية لقمع الغضب الشعبي تجاه الأزمة الاقتصادية المتصاعدة، وتطالب بإجراء انتخاباتٍ عامةٍ مُبكّرة العام الحالي.
من جانبه، الرئيس الفنزويلي يَعتبر بأن الإحتجاجات في البلاد لا تعدو كونها مساعي من جانب المعارضة لإحداثِ انقلابٍ ينهي نظامه الإشتراكي بتواطؤٍ مكشوف ومُعلن مع الولايات المتحدة، ويواصل دعوته للمعارضة باستئناف الحوار المُتوقف منذ أواخر العام الماضي، وقد طلب مساعدة البابا، لا سيما أن الحكومة الفنزويلية تتهم الكنيسة أيضاً بأنها «لاعب أساسي» إلى جانب المعارضة.
وبالطبع، امتدت الأذرع الدولية في المسألة الفنزويلية، فالولايات المتحدة غير بعيدة عن مجريات الأحداث الداخلية في فنزويلا، حيث أصدرت واشنطن «التي تَعتَبِرُ فنزويلا حديقةٍ خلفيةٍ لها»، قراراً يِفرِضُ عقوباتٍ على القضاةِ الذين أصدروا القرار إياه ضد البرلمان. وزاد من ذلك دخول موسكو على خط الأزمة، حيث تُعارض المشروع الأميركي الساعي لعرض الأزمة الفنزويلية على مجلس الأمن الدولي.
وفي الاستخلاصاتِ السريعةِ، إن كل ما يَرشَح عن الأزمة الداخلية في فنزويلا، يشي بأن الأمور مُتجهة نحو المزيد من التفاقم على الأغلب، خاصة مع وجود خلفيةٍ اقتصاديةٍ للأحداثِ، والتي تتمثل في انخفاضِ أسعارِ النفط، ونقص المواد الغذائية وزيادة مُعدلات التضخم، إلى جانب وجود أزمة في القطاع الطبي، وكل ذلك يُغذي تحركاتِ ومواقفِ وشعاراتِ المعارضة، ويمنحها فرصة للتمدد واستمالة فئات وشرائح من المجتمع للوقوف إلى جانب مطالبها، لذلك من المتوقع، أن تُقدِم المعارضة الفنزويلية خلال المرحلة التالية على إتخاذ خطواتٍ تصعيدية جديدة حال لم يتم جَسرِ الهوةِ بينها وبين نظام الرئيس مادورو والجلوسِ على طاولةِ الحوار.

بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
05/07/2017
1782