+ A
A -
اتصل بي أحد الأخوة الأعزاء ثائرا حانقا، لأن ابنه الذي في المرحلة الإعدادية عنده قصور في مادة الرياضيات وله دور ثان فيها! قلت للزميل بود وحب راجع المدرسة واطلب ورقة الإجابة ومراجعتها وقدم لهم الأسباب والمبررات المقنعة لفعل ذلك، وسيجد بلا شك طلبك كل رحابة صدر، فلعلهم أخطؤوا في التصحيح أو رصد الدرجات أو جمعها أو تدقيقها أو.. أو.. إلخ، لا أود هنا أن يكوّن القارئ انطباعاً أن المدرسة ولجان التصحيح تخلو من الأخطاء والمنغصات! نعم هناك تسلسل في التصحيح والمراجعة والتدقيق ولكن ربما يقع الخطأ سهواً لا قصداً وهذا لا يقع عادة إلا نادراً! ولكن الطامة الكبرى أن المقترح الذي قدمته للأخ المتصل لم يلق القبول والاستحسان وواصل بقصفي وقصف المدرسة والتعليم بوابل من مفرداته القاصمة! واستمر بكيل وابل من التهم بالتقصير لإدارة المدرسة والكادر الإداري والتدريسي بها وضمني معهم من غير حول مني ولا قوة!! أنا شخصياً لا أعرف إدارة المدرسة ولكن طلبت من الأخ المتصل مراجعتهم وسيصل معهم بلا شك إلى صيغة توافقية لصالح ابنه المتعثر بالمادة! عند اتصال الأخ المتصل كنت في المستشفى لإجراء عملية بسيطة وبسرعة كنت أحاول أن أقنع الأخ برأيي ولكن استمر في تعنته! فطلبت منه أن نتكلم لاحقاً!
يا سادة مثل هذه المواقف والوقائع واردة في الميدان المدرسي وبين مستهلكي التعليم وأجزم أن المدرسة والمعلم يتصفان عادة بالعدالة واحقاق الحق ولكن أيضاً أقول ربما تكون هناك ممارسات لا تخلو من تعنت وتهور واندفاعية وتسرع وظلم- كحال الحصار على قطر ومقاطعتنا من أخوة أشقاء- حاولت أن أقنع الأخ المتصل برأيي لكنه لم يمهلني لحظة فقد كان حانقاً من النتيجة والمدرسة وإدارتها ولكن ردة فعله كانت تضحكني ولم تكن تثيرني لأنني أعرف طبيعة أخي المتصل، سريع الغضب، سريع الرضا، واندفاعاته وسلاطة لسانه تكون عادة حين يمر بمواقف انفعالية مشابهة!! قلت لأخي المتصل ارحمني كفاية أنا متعاطف معك ولكن ارحمني شوية فأنا في المستشفى أستعد لإجراء عملية بعد قليل! إما أن تأخذ برأيي وبمقترحي أو تخلصني من مفرداتك الانفعالية السلبية التي توجعني أكثر من وخز حقن المستشفى! مع انتهاء المكالمة الصعبة مع الزميل الصعب وصلت إلى اقتناع لم يهجرني حتى هذه اللحظة هو أن الفارق بيننا نحن العرب وبين تلك الشعوب المتحضرة أننا نتصرف بطريقة فردية انفعالية، وهم يتصرفون بطريقة هادئة منظمة، لا انفعال فيها، نحن لا نحسن التعامل مع الموقف، وهم يحسنون التعامل مع المواقف على كل المستويات!
نحن نحسن الصدام والصراع والفرقة والتفتت والتبعثر والتشرذم والحصار والتجويع ونكران الجميل والاتهام بغير دليل من غير بينة وهم يجتمعون ويتكتلون!
ونحن نفترق ونتخاصم ونتعارك! كل العالم يتعلم من أخطائه إلا أمة العرب لا تتعلم إلا بعد وقوع الفاجعة! أين الأب من متابعة ابنه في المدرسة قبل ظهور النتائج؟ أين نحن من مواجهة الأزمات- الحصار المفروض علينا- كمثال!
يا سادة لا حياة بدون تنظيم كما لا حياة صحية من غير توازن!
نسأل الله أن يوفق طلبتنا في جميع مراحلهم التعليمية ومحطاتهم الحياتية، ويحفظ خليجنا العربي من كل الذين يحاولون جره إلى التشرذم والتبعثر والتفكك ليكون فريسة سهلة للمتربصين له! آن الأوان اليوم الجمعة في هذا اليوم المبارك، في هذا الشهر المبارك، أن نعود أخوة أشقاء متحابين في السراء والضراء، ونكسر الحصار، أقول هذ فقط تذكيراً بحق دولنا الخليجية علينا، والسلام على من اتبع الهدى.
وعلى الخير والمحبة نلتقي

بقلم : يعقوب العبيدلي
copy short url   نسخ
30/06/2017
1576