+ A
A -
دُروس للبَشَر وعِبَر تَختصِر الطريقَ إلى الله. أَدلُّك على النور الذي تَفيض به «سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَّكَّرُونَ..»، سورة النور.
واحد من أساتذتي الفُضَلاء في السلك الثاني من التعليم الجامعي كان يدعونا إلى حفظ سورة النور تمهيدا للامتحان الشفوي في مادة أصول الفقه إن لم تخني الذاكرة. لذلك كلما قرأتُ سورة النور في المصحف أذكر الأستاذ الكريم داعية له بطول العمر وعظمة الأجر.
لا رَيْب في أنكَ ستَقِف (وأنت تتلو ما تيسر من النور) عند مضمون قوله تعالى عن ضرورة أن «لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ» (النور)، كما سبق أن دعا سبحانه إلى أن «يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ» (سورة الأحزاب، من الآية: 59)، لماذا؟ تفاديا للأذى.
لم أفهم المعنى البعيد في وقته، لكن أدركتُه لاحقا، فأكثر مِن أن المرأة تُحافظ على حشمتها وتَستر مفاتنها حتى لا ينال منها ذئب، فهي تتأهب ليوم الحساب.
جَرِّبْ أن تُفَكِّرَ في يوم الحساب ليَتبادر إلى ذهنك مَشْهَد الدخان الذي قد تُرَدِّد لفظَه يوميا إن كُنْتَ تُواظب على ختم يومك بقراءة سورة الدخان من باب الاستغفار، غير أن بَحْثَكَ عن تفسير آية الدخان سَيَقُودك إلى ما يَقْشَعِرُّ له بدنك يَقيناً.
دعوةُ الله عزّ وجلّ قائلا «فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ» (الآيتان: 10، 11) فيها إحاطة بعلامة كبرى من علامات الساعة، إذ إن سحابة دخان كثيف ستبقى جاثمة لتبتلع المشركين والمشككين والمنافقين، فإذا بالواحد منهم كالسكران يَخرج من منخريه وأذنيه ودُبُره الدخان، بينما لا يُصيبُ المؤمنَ منه إلا كهيئة الزكام كما جاء في تفسير الطبري..
مشهد آخَر في تفسير سورة التكوير يأتي من باب التذكير: «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ»، أي ذَهَبَ ضَوءُ الشمس، وتساقطت النجوم وتناثرتْ، وذَهَبَت الجبالُ فكانت سرابا، وحَمِيَت البحارُ واشتعلتْ نارا..
ليس القصد الترهيب لأن يوم القيامة سيكون تحصيل حاصل وكلنا سنَشْهَده أَحْبَبْنا أَمْ كرهْنا. لكن القصد ألا نغفل عن ستر الجسد وغض البصر ولجم لسان الشهوة المحرمة و.. و.. و.. مادام في انتظارنا يوم مقداره خمسون ألف سنة لا أحد يفلت فيه من حساب مولاه..
بعد هذا، أليس مِن الْمُقَزِّز أن تَجِدَ مَن يُقاتل مِن أجل شِبْرِ أرضٍ، ومَن يُخاصِم ويُنازِل من أجل سيادة مهما كَلَّفَتْهُ من حرب إِبادة، ومَن يَقْطع الأرحامَ في شهر وَصْلِها، ومَن يَظُنُّ واهما أنه سَيَظَلّ خالدا لِيَعيث في الأرض فَسادا..؟! لا يا سَادَة!
الْمُلْكُ لصاحب الْمُلْك، والدوام لِمَن لا تَغفل عَيْنُه ولا تَنام و»كُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ القِيامَةِ فَرْداً» (سورة مريم، الآية: 95).
نَافِذَةُ الرُّوح:
«بِالعِطْر تَتفاهَمُ الوُرودُ، وبالمحبة تَتفاهَمُ القلوبُ».
«إن لم تَكُنْ وردةً كُنْ عِطْرَها».
«إن لم تَكُنْ قمراً كُنْ ضَوْءَه».
«قَلْبُكِ ولسانُكِ غَمَّازَتَان تُغنيان عن كل مساحيق التجميل».
«كلامُ العَيْن لِلْعَيْن قصيدةُ غَزَل لم يَكْتُبْها شاعِر ومنديل حنان لم تَنْسُجْهُ أُمّ».
«بين شفتين سمُّكَ أو تِرْياقكَ».
«للحقيقة عَيْنَان وفَم».

بقلم : د. سعاد درير
copy short url   نسخ
29/06/2017
3788